×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
صدى تبوك

النشاط المدرسي يا وزارة التعليم!!

منذ عقود مضت كناَّ ولا زٍلنا نترنَّم بأبيات ونصوص أدبية في الحكمة والحماسة لشعراء نوابغ كالمتنبي وابن الوردي والشافعي وجرير وغيرهم، يوم أن كان الطالب يحفظ النص ويُعبِّر أمام زملائه، أو يصدح بصوته الشجي في الفصل بتلك الأنشودة الشعرية، أو ذلك النص النثري، حينها كان يرتقي الطالب من مستوى "الحفظ" إلى "التطبيق" عملياً "والتقويم" بنقد النص حتى وهو في مقتبل العمر بالمرحلة الابتدائية، ما يعني أنه له قدرة على ممارسة النشاط المدرسي بفعالية، وهو ما نفتقده في معظم مدارسنا في الوقت الحاضر.

يخبرني أحد كبار السن بقوله أن الطالب في مطلع الثمانينيات الهجرية من القرن الماضي كان لا يُمنح الشهادة بالمرحلة الابتدائية حتى يحفظ عن ظهر قلب "لامية ابن الوردي" كاملةً والتي مطلعها:

اعتزِل ذِكرَ الأَغاني والهَزَل ...................وقُلِ الفَصلَ وجَانِب من هَزل
ودَعِ الذِكرَى لأيامِ الصِبَا...............................فلأيامِ الصِبا نَجمٌ أَفَل
مثل هذه اللامية التي تضمنت التوجيهات الشرعية والأخلاقية والاجتماعية، أو النصوص الأدبية في شعر الشافعي- هي ما يحتاجه أبناءنا اليوم في "التربية الأخلاقية" كأحد الروافد المهمة في بناء الشخصية، فمنها يتعلم الطالب كيف يقف أمام زملائه الطلاب مُرتجلاً في الفصل، أو مُشاركاً في الإذاعة المدرسية ؟ وكيف يكتسب من خلالها المفردات اللغوية، والقيم الإسلامية التي تنعكس على تربيته وأخلاقه في المستقبل؟.

ومع أن كثير من أولياء الأمور يشكو بأن المقررات الدراسية في الوقت الحاضر اقتصر دورها على التعليم والتلقين واكتساب المعرفة دون أن يكون للتربية والأخلاق النصيب الأوفى من الاهتمام، حيث المجتمع بِرُمَّتِه يعاني من "أزمة أخلاق" فإنه لا يمكن إلقاء اللوم كاملاً على الأسرة التي هي المحضن الأول للتربية- كونها "نَتاج مدارسنا" والتي كانت ولا تزال تعاني من قصور في الجوانب التربوية.

إن زرع القيم التربوية من خلال مقرر دراسي مجرَّد في التربية الوطنية لن يجدي نفعاً - مالم يكن هناك ممارسة فعلية للنشاط الطلابي بتحويل مدارسنا إلى ورش عمل لاكتساب الخبرات التربوية من خلال المسرح، أو إقامة النوادي العلمية، أو المسابقات الثقافية، أو المنافسات المحلية.

مقرراتنا الدراسية تحديداً بحاجة إلى غربلة وتطوير بحيث تأخذ بعين الاعتبار التراث الإسلامي الأصيل في كثير من الجوانب اللغوية والأدبية والتربوية والأخلاقية، فكم نحن بحاجة إلى مقررات تُرَكِّز على القيم القابلة "للتطبيق العملي" أكثر من اهتمامها بالجوانب المعرفية البحتة أو المُجرَّدة ؟ والتي ينبغي أن تراعي الجوانب الصحية في حياة الفرد على المستوى الشخصي، أو دراسة موضوعات يمكن تطبيقها عملياً في جانب القيم الإسلامية "كالنظافة والنظام واحترام الآخرين" أو على مستوى الأسرة، أو المجتمع، أو البيئة المحيطة.

نحن بحاجة إلى مقرر دراسي في "النشاط الطلابي" كمرشد للمعلم لتطبيقه عملياً في حصة النشاط لتكون مدارسنا أشبه بخلية النحل إذ يمارس الطلاب الأنشطة المدرسية من واقع المقرر من خلال انتظامهم في مجموعات مختلفة بواقع حصة دراسية يومياً، على أن يتم تدوير طلاب المجموعة لممارسة النشاط الآخر في الفصل الدراسي الثاني بحيث ينهي الطالب كافة برامج النشاط الطلابي بعد اتمام دراسته للمرحلة الابتدائية في المجالات الـ (12) التالية ( الرياضية العلمية الفنية - الكشفية الدينية النظام النظافة المسرح اللغة الانجليزية اللغة العربية القرآن الرياضيات ) هذه الأنشطة تتوزع على فصول المرحلة الابتدائية بحيث يكون مدة كل نشاط فصل دراسي كامل؛ وتترك الفرصة على مدار عام دراسي للمدارس (للتجربة) لاختيار البرامج المناسبة للطلاب في هذه الأنشطة للرفع بها نهاية العام للوزارة للاطلاع عليها بحيث يتبلور في ضوءها مقرر دراسي معتمد للنشاط الطلابي يتم التمشي بموجبه؛ والذي يمكن تعميمه لاحقاً ليشمل المرحلتين المتوسطة والثانوية.

ختاماً: إن دمج محتوى مقرر التربية الوطنية الحالي ضمن مقرر النشاط المدرسي ليشمل الجوانب الأخرى في التربية ( الإسلامية- الأخلاقية الصحية الفكرية ) وتعيين رائد للنشاط المدرسي متفرغ ليقوم بالتنسيق والمتابعة والإشراف أثناء ممارسة النشاط هو السبيل الأمثل لتعديل السلوك لجيل المستقبل فكرياً وأخلاقياً والذي نأمل من وزارة التعليم إيلاءه الاهتمام اللازم، والله من وراء القصد.
بواسطة : صدى تبوك
 1  0