×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
فادي عيد

إسرائيل .. وحرب المياه !
فادي عيد



تمثل المياه للكيان الصهيونى فلسفة و سلاح استراتيجي هام فى نفس الوقت، ففى أدبيات اليهود ترسم حدود دولة بني اسرائيل المزعومة بين نهري الفرات بالعراق و النيل بمصر، و هى الخريطة التى تتجسد فى العبارة الشهيرة " من الفرات للنيل وطنك يا بني اسرائيل "، و إذا تتبعنا بداية ولادة الكيان الشيطانى سنجد أن فلسطين لم تكن الهدف و المطلب الاساسى ، بل اتجهت أنظار اليهود الذين كانوا يبحثون عن مأوى و وطن لهم إلى أوغندا ، حيث روافد و منابع نهر النيل، إلى أن جاء وعد بلفور وعد من لايملك لمن لا يستحق، لكى تمنح المملكة المتحدة مأوى ليهود الارض بعد أن رسمت الصهيونية العالمية دولتها الوليدة عبر أسس و معتقدات تاريخية من التلمود و التوراة، و لا يخفى على أحد صدمة بسطاء اليهود أثناء وصولهم لارض الميعاد كما يردد الصهاينة بسبب تلك الارض الجديدة الواقعة بين مصر و الشام و تفتقر للمياه، و لكن جائت كلمة مؤسس الكيان الصهيونى بن جوريون معبرة عن حاضر تلك الدولة فى ذلك الوقت و مستقبلها و مستقبل المنطقة بعد ان قال " إن المؤسسين الحقيقيين للأرض الجديدة القديمة هم مهندسو المياه، فعليهم يتوقف كل شيء "

و عند تأملنا لعلم دولة الكيان الصهيونى سيتضح لنا حاليا ما تمثله المياه لتلك الدولة المزعومة فسنجد نجمة داوود السداسية ( كما يسميها الصهاينة ) تتوسط خطين باللون الأزرق، و هو رمز لحدود دولة اسرائيل الكبرى التى تقع بين نهرى الفرات و النيل .

و بعد غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003م لم تتأخر تل أبيب فى دعم أنقرة لاتمام مشاريع سدود الغاب الذى يشمل اكثر من 20 سدا و التى دعمتة اسرائيل بقوة و اعلنت عزمها الاستثمار فى تلك المنطقة فيوجد بمشروع الغاب 67 شركة اسرائيلية تعمل من عام 1995م، و لم تكتف تل أبيب بذلك بل قامت بشراء أراضٍ على ضفاف نهر مناوغات و بات الدعم موجهة ايضا لاقامة سدود بريجيك و سد قره قايا و سد غازي عنتاب وسد كيبانو سد ودجلة!!
و هذا نفس السلاح الذى استخدمته واشنطن و ربيبتها أسرائيل فى خطة تركيع مصر باجتماعهم بالمانيا عندما طالبوا بسرعة بناء سد النهضة الاثيوبى، و هو السد الذى باتت فيه اسرائيل الداعم الاول له . كما جاء مشروع انابيب السلام بتركيا و مشروع جنوب شرق الاناضول الذى تم تنفيذهم على نهري دجلة و الفرات كتوغل أسرائيلي جديد فى مشاريع المياه بالمنطقة، و استغلال واضح لموارد تركيا المائية .

كما مثلت الانهار أيضا خطوط التقدم لجيش الاحتلال الاسرائيلي ففى حرب تموز 2006م كانت القوات الاسرائيلية تدفع بكل تشكيلاتها لكى تصل لنهر الليطاني بجنوب لبنان، و هو المشهد الذى ذكرنا بالحروب التى خاضتها العصابات الصهيونية بعد نزولهم لارض فلسطين و لم تكتف تل ابيب بنهر الليطانى بل ذهبت تروى عطشها من باقى انهار الشام كنهر بانياس و اليرموك و الحصباني و غيرها من روافد و منابع الشام، كما أنها لم تتردد فى الذهاب إلى افريقيا للاستثمار فى مشاريع المياه رغم البعد الجغرافى و التاريخي، فالمياه تمثل للكيان الصهيونى فلسفة و سلاح استراتيجي قبل أن تكون مورداً للحياة .

فادى عيد
الباحث و المحلل السياسى بقضايا الشرق الاوسط
fady.world86@gmail.com
بواسطة : فادي عيد
 2  0