×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
عبدالله  على الاحمري

" نظرية المؤامرة "
عبدالله على الاحمري

في نظرية المؤامرة لن أتحدث عن نصوص القرآن ولا نصوص السنة النبوية حتى لا يضجر من كلامي أصحاب الأقلام المتمدنة , ولن أتحدث عن بروتوكولات حكماء صهيون ولن أتحدث عن التاريخ وقيام دول وسقوط أخرى بنظام المؤامرة , لن اتحدث عن الحرب الباردة بين أمريكا ودور المؤامرة في تفتيت الشيوعية بدون حرب , فلا يجزع إخواننا المتمدنين لان مقالي سيكون عن مؤسسة " راند " ثم اترك لهم الحكم هل يوجد مؤامرة أم لا؟ وهل امتطى الغرب ظهورهم أم لا؟ وهل اكتشفوا بأنفسهم انهم
( بلهاء ) مع مرتبة الشرف الأولى؟. ورغم أن مؤسسة " راند " أنشئت عام 1945م فلن أتطرق لنشأتها وأهدافها ومدى تأثيرها في القرار الأمريكي ومن يدير مجلس أمنائها وكم تبلغ ميزانيتها ومن أين يتم تمويلها وكم عدد الكادر الذي يعمل بها ولكني سأكتب عن تقاريرها في الحرب على الإسلام وعلى القارئ الكريم أن يطبق ما جاء بها على واقعنا اليوم , ولن أتحدث عن تقريرها عام 2004م بإسهاب والذي صدر من 500 صفحة والذي يقسم العالم الإسلامي حسب المناطق إلى ( سلفية ) وأخرى ( راديكالية ) وثالثة ( معتدلة) ، كما نادى التقرير إلى إشعال الخلافات القائمة بين المسلمين أنفسهم.
وفي عام 2005 صدر تقرير يحمل عنوان ) الإسلام المدني الديمقراطي (ويوصي هذا التقرير بأنه يجب فهم الإسلام الذي يقف سدا منيعا أمام محاولات التغيير ، والحل يكمن في النظر إلى المسلمين عبر أربع فئات هي :

1- مسلمين أصوليين : يجب محاربتهم واستئصالهم والقضاء عليهم ؛ لأنهم يعادون الديمقراطية والغرب ويتمسكون بما يسمى الجهاد وبالتفسير الدقيق للقرآن وأنهم يريدون أن يعيدوا الخلافة الإسلامية ويجب الحذر منهم لأنهم لا يعارضون استخدام الوسائل الحديثة والعلم في تحقيق أهدافهم وهم ذوو تمكن في الحجة والمجادلة ويدخل في هذا الباب السلفيون السنة والوهابيون كما يـقول التقرير.

2- مسلمين تقليديين : يجب عدم إتاحة أي فرصة لهم للتحالف مع الأصوليين ويجب دعمهم وتثقيفهم ليشككوا بمبادئ الأصوليين وليصلوا إلى مستواهم في الحجة والمجادلة أيضا يجب الوقوف في وجه الفتاوى الحنبلية التي ترتكز عليها الوهابية وغيرها مع التشديد على دعم الفئة المنفتحة من هؤلاء التقليديين وأوصى التقرير بأهمية أن ندعم التقليديين ضد الأصوليين لنظهر لجموع المسلمين والمتدينين وللشباب والنساء من المسلمين في الغرب عن الأصوليين مايلي :

دحض نظريتهم عن الإسلام وعن تفوقه وقدرته
إظهار علاقات غير قانونية ومشبوهة لهم
التوعية عن العواقب الوخيمة لأعمال العنف التي يتخذونها
إظهار هشاشتهم قدرتهم في الحكم وتخلفهم
تغذية عوامل الفرقة بينهم
دفع الصحفيين للبحث عن جمع المعلومات والوسائل التي تشوه سمعتهم وتظهر فسادهم وقلة إيمانهم
تجنب إظهار أي بادرة احترام لهم ولأعمالهم أو إظهارهم كأبطال وإنمـا كجبناء ومخبولين وقتلة ومجرمين كي لا يجتذبوا أحدا للتعاطف معهم.

3 مسلمين حداثيين : يجب زرعهم في كل بلد مسلم ودعمهم ومهمتهم انتهاك حرمة القرآن الكريم وإنزال قدسيته عند عامة المسلمين إلى موضع الشك والجدل ومحاربة نصوص الحديث والمشايخ والتشكيك في فتاويهم ومحاربة المحتسبين وأجهزة الدولة وخاصة التعليم والمناهج ونقدها ما أمكن النقد والدعوة إلى التحرر من هذا الإرث والمناداة بالحرية وخاصة حرية المرأة وحقها في اختيار " الرفيق" وليس " الزوج " ونبذ الحجاب والمناداة بإعادة النظر في أوضاعهن في القرآن وضرورة مساواتها بالرجل والتعاطف معها في عدم نيل حقوقها والترويج للجنس والحرية الشخصية في المعتقد وطريقة العيش وتمكينهم من السيطرة على الإعلام لقلب المجتمع إلى مجتمع يسير ضمن المنظومة العالمية ويجب مساندتهم إعلاميا بقناة تلفزيونيه يجب أن يكون اسمها " الحرة " لتوطين الناس على الحرية وقناة راديو تحت مسمى " سوا " لزرع فكرة التساوي في العقل الباطن لكل مسلم وتخصيص 671 مليون دولار لهذا الغرض.

4 مسلمين علمانيين : ويجب تحديد أسماء المؤسسات العلمانية المسلمة وشخصياتها القيادية في مختلف مناطق العالم الإسلامي وخارجه وتقديم الدعم المادي والمساندة الإدارية لبناء شبكات مضادة للتيار السلفي ويجب جمعهم في مؤتمر يُعقد في مكان ذي دلالة رمزية ودعوتهم في زيارات للكونجرس وفي الاجتماعات الرسمية لجعلهم معروفين بشكل أكبر لصناع القرار وللحفاظ على استمرارية المساندة لجهودهم ومهمتهم الفكر السياسي في الدولة ونخر الهياكل التنظيمية من داخل الدول ومحاولة تحرير العقل المسلم من ارث الدين والعادات عن طريق الابتعاثات ومخالطة الشعوب الأخرى وتعليمهم كيفية مطالبتهم بحقوقهم وإكسابهم الخبرة البرلمانية وخبرة المظاهرات والاعتصام واستخدام هذا العقل في تمييع الدين وحب العولمة وفتح المجال للإعلام والفضائيات وحب المهرجانات وتغييب دور المسجد.

وفي عام 2007م صدر تقريرها من 217 صفحة بعنوان ( بناء شبكات مسلمة معتدلة) Building Moderate Muslim Networks وهو تقرير متمم لسلسلة التقارير التي بدأ هذا المركز الفكري والمؤثر في إصدارها لتحديد الأطر الفكرية للمواجهة مع العالم الإسلامي , الجديد في تقرير هذا العام أنه يقدم توصيات محددة وعملية للحكومة الأمريكية لمواجهة التيار الإسلامي المعاصر ويوصي التقرير أن تدعم الإدارة الأمريكية قيام شبكات وجماعات تمثل التيار العلماني والليبرالي والعصراني في العالم الإسلامي لكي تتصدى تلك الشبكات والجماعات لأفكار وأطروحات التيارات الإسلامية التي يصنفها التقرير بالمجمل بأنها ( تيارات متطرفة ) كما يؤكد التقرير على الحاجة لأن يكون مفهوم الاعتدال ومواصفاته مفاهيم أمريكية غربية وليست مفاهيم إسلامية وأن يكون هناك اختبار للاعتدال بالمفهوم الأمريكي يتم من خلاله تحديد من تعمل معهم الإدارة الأمريكية وتدعمهم في مقابل من تحاربهم وتحاول تحجيم نجاحاتهم ويركز التقرير ضرورة هزيمة الفكر الإسلامي , كما يرى التقرير أهمية استعادة تفسيرات الإسلام من أيدي التيار الإسلامي نفسه وتصحيحها حتى تتماشى وتتناسب تلك التفسيرات مع واقع العالم اليوم وتتماشى مع القوانين والتشريعات الدولية في مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان وقضايا المرأة , ويوصي التقرير أن تهتم الولايات المتحدة الأمريكية بصناعة ودعم شبكة من التيار العلماني والليبرالي والعصراني ممن تنطبق عليهم شروط الاعتدال الإسلامي بالمفهوم الأمريكي وأن تُستخدم هذه الشبكة في مواجهة التيار الإسلامي الذي يرى التقرير أنه لا يجب التعاون معه أو دعمه بأي شكل من الأشكال وينصح التقرير بعدم التعاون مع كل فئات التيار الإسلامي وأن يرتكز بناء شبكة التيار المعتدل على التيارات العلمانية والليبرالية والعصرانية فقط ومن أهم نتائج التقرير هو وضع شروط للاعتدال والمعتدلين الذي يمكن دعمهم فمن انطبقت عليه الشروط فهو معتدل ويدعم واهم هذه الشروط :

1 - القبول بالديمقراطية: يعتبر قبول قيم الديمقراطية الغربية مؤشراً مهماً على التعرف على المعتدلين فبعض المسلمين يقبل بالنسخة الغربية للديمقراطية في حين أن بعضهم الآخر يقبل منها ما يتواءم مع المبادئ الإسلامية خصوصاً مبدأ ( الشورى ) ويرونه مرادفاً للديمقراطية كما أن الإيمان بالديمقراطية يعني في المقابل رفض فكرة الدولة الإسلامية.

2- القبول بالمصادر غير المذهبية في تشريع القوانين: وهنا تشير الدراسة إلى أن أحد الفروق الرئيسة بين الإسلاميين المتطرفين والمعتدلين هو الموقف من مسألة تطبيق الشريعة وتؤكد الدراسة أن التفسيرات التقـليدية للشـريعة لا تتناسب مع مبادئ الديمقراطية ولا تحترم حقوق الإنسان.

3- احترام حقوق النساء والأقليات الدينية: وفي هذا الصدد تشير الدراسة إلى أن المعتدلين أكثر قبولاً بالنساء والأقليات المختلفة دينياً ويرون بأن الأوضاع التمييزية للنساء والأقليات في القرآن يجب إعادة النظر فيها نظراً لاختلاف الظروف الراهنة عن تلك التي كانت موجودة إبان عصر النبي محمد.

4 - نبذ الإرهاب والعنف غير المشروع: تؤكد الدراسة هنا على أن الإسلاميين المعتدلين يؤمنون ـ كما هو الحال في معظم الأديان ـ بفكرة ( الحرب العادلة ) ولكن يجب تحديد الموقف من استخدام العنف ومتى يكون مشروعاً أو غير مشروع؟.

وفي الفصل الخامس من التقرير يضع اختبار واستمارة استبيان لكل من يدعي انه معتدل وجاء في الاستمارة :

هل تقبل بالعنف أو تمارسه؟ وإذا لم تمارسه الآن فهل مارسته أو تقبلته في الماضي؟
هل تؤيد الديمقراطية؟ وإن كان كذلك؛ فهل يتم تعريف الديمقراطية بمعناها الواسع من حيث ارتباطها بحقوق الأفراد؟
هل تؤيد حقوق الإنسان المتفق عليها دولياً؟
هل هناك أية استثناءات في ذلك (مثال: ما يتعلق بحرية الدين)؟
هل تؤمن بأن تبديل الأديان من الحقوق الفردية؟
هل تؤمن أن على الدولة أن تفرض تطبيق الشريعة في الجزء الخاص بالتشريعات الجنائية؟
هل تؤمن أن على الدولة أن تفرض تطبيق الشريعة في الجزء الخاص بالتشريعات المدنية؟ وهل تؤمن بوجوب وجود خيارات لا تستند للشريعة بالنسبة لمن يفضِّلون الرجوع إلى القوانين المدنية ضمن نظام تشريع علماني؟
هل تؤمن بوجوب أن يحصل أعضاء الأقليات الدينية على حقوق كحقوق المسلمين تماماً؟
هل تؤمن بإمكانية أن يتولى أحد الأفراد من الأقليات الدينية مناصب سياسية عليا في دولة ذات أغلبية مسلمة؟
هل تؤمن بحق أعضاء الأقليات الدينية في بناء وإدارة دور العبادة الخاصة بدينهم (كنائس أو معابد يهودية) في دول ذات أغلبية مسلمة؟
هل تقبل بنظام تشريع يقوم على مبادئ تشريعية غير مذهبية؟

ومن الملفت للنظر أن التقرير يؤكد أهمية استخراج النصوص الشرعية من التراث الإسلامي والتي يمكن أن تدعم هذه اللائحة وتؤكدها وأن يستخدم الدعاة الجدد ( أو الدعـاة من الشبـاب كمـا أسـماهم التـقرير ) لتحقيق ذلـك والقـيام بهذا الدور ويوصي التقرير أن تكون الـدعوة للاعتدال بعيداً عن المساجد وأن تستخدم البرامج التلفازية والشخصيات ذاتالقبول الإعلامي والجماهيري من أجل تحقيق ذلك والتركيز على تقديم الدعم المادي والأمني للفئات الليبرالية من أبناء الإسلام أنفسهم لتنفيذ هذا التوجه وخاصة الفئات الآتية :

المفكرين والأكاديميين من التحرريين والعلمانيين
الدعاة الجدد المعتدلين
القيادات الشعبية الفاعلة
الحركات النسائية المطالبة بالمساواة
الصحفيين والكُتاب والمفكرين

هذه نبذة على عجالة عن إحدى مؤسسات الفكر الغربي الذي يتآمر على امتنا الإسلامية ثم يظهر علينا من يقول انتم عقول إدراكية معلبة تؤمن بنظرية المؤامرة ولا يدري هو انه جزء من المؤامرة تلقف ما يرمون به هؤلاء القوم من بغض وحقد ومؤامرات على الإسلام وجاء يرددها ببلاهة شديدة لأنهم وعن طريق رؤوسهم الحداثيين من أبناء الإسلام ( زوار السفارات ) والذين كنا نرمز لهم بالتغريبيين أو التنويريين أو أدعياء الحرية زينوا له الأفكار ولمعوها وجعلوها براقة باستخدام مصطلحات رنانة وذات شجون لذلك ندعو كل من اعتنق هذا الفكر أن يقرأ تقارير مؤسسة "راند " بتمعن وإخلاص حتى يكتشف بنفسه انه كان يمارس البلاهة والغباء وانه كان " حمار قايله " يمرر مكائد القوم ويسخر لها لسانه وقلمه ويساعدهم على محاربة دينه الذي اقض مضاجعهم وأرق عيونهم , ثم من الإنصاف عليه أن يقرأ كتاب الله وسنة نبيه التي أخبرتنا بالمؤامرة قبل أن نعرف شيئا عن مؤسسة " راند ".


بقلم :

عبد الله بن على الأحمري
بواسطة : عبدالله على الاحمري
 9  0