×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
شتيوي العطوي

أحلام المساطيل !
شتيوي العطوي

تحيّة طيبة لجميع الأخوة والأخوات هنا، وبعد:
في عام 2005م كنت أحد كتّاب منتدى " حارة المساطيل " وهذه ليست دعاية للمنتدى فقد تم قفله منذ سنوات. وهي التجربة الأولى، وكانت تلك فرصة للتعبير الحرّ خارج حدود الصحافة الورقيّة، وهذا لا يعني غياب الضمير. وقد كتبت في ذلك المنتدى أكثر من أربعمائة مقال بطريقة ساخرة جدا، دون أن ألتفت للوراء، ودون أن أقصقص أطراف المقال من أجل خاطر حماتي وعمتي وخالتي وشيخ الغفر " مغاوري ". كنت أكتب أحلامي الليلية التي تشبه الأفلام السينمائية المرعبة، وكذلك أحلام اليقظة التي تماثل أحلام ذلك المسكين الذي لم يكن لديه غير " جرّة سمن "، وقد أعدّها لمشروعه الزّوجيّ . وفي ذات يقظة كان يحلم أنّه تزوّج ورزقه الله بولد، وكان لا بدّ من تأديبه، فبلغت به النّشوة مداها، فرفع عصاه عاليا ليضرب بها الولد المحتمل، فأصاب الجرّة المعلّقة فوق رأسه، فحطّمها، واندلق السّمن على نافوخه وتبخّر الحلم!
لا بدّ وأنّي كنت كصاحب الجرّة، أضع أحلامي وأمانيّ في وعاء " هشّ "، ومع ذلك لم أزل أحلم رغم تحطّم كل الأوعية الهشّة، وكنت أحلم وأترجم تلك الأحلام إلى مقالات أضعها في أوهن البيوت " الشبكة العنكبوتية ". ومن أجمل تلك المقالات مقال " أحلام لا تنام " وهي إحدى المطويّات التي طويت فيها أحلامي منذ أن كنت طفلا تخرّعني سواليف جدّتي التي لا تخلو من ذكر " الغولة " تلك الداعشيّة التي يخوفوننا بها، ونجد سيرتها في كل بيت، ولم تستطع كل التحالفات القبليّة القضاء عليها. فالقضاء عليها يعني أننا معشر الأطفال الأشقياء سنأخذ حريتنا في الشقاوة والطلبات، ولن نترك أهلنا يستمتعون بساعات النوم الطويلة، فكنا ننام على ذكر الغولة، لقد كان أهلنا رائعين جدا!. كنت أنام وكانت أحلامي في حالة يقظة، وكان حلمي الشهير أن أطوف العالم متأثرا بكتاب " رحلة حول العالم في ثمانين يوم " رغم أني لم أتجاوز في تلك الفترة المبكرة بوابة المدينة مسافرا، يا لك من سندباد !
لا أستطيع أن أحلم هنا في الصحيفة بكل حريّة، لأني أدرك أن هناك من يريد أن أضع تفسيرا لكل حلم، وهامش لمعاني المفردات، وأنّ هناك من يقول : أموت وأعرف ماذا تقصد !
وفي كل ليلة يدخل إبليس على خطّ الأحلام الساخن، ليسمع ويرى إلى أي مدى يمكن أن تصل بي تلك التهاويل، وقد اكتشفت أن " ابليس " غبي جدا حين كان يتنصت على شبكة اتصالات مخي، فهو يعلم أني " طفران " وكل حلم يحتاج إلى إغاثة من الأمم المتحدة، وقد يستدعي الأمر اجتماع مجلس الأمن. ومع أن أحلامي " فشنك " إلا أن إبليس يصر دوما أن يقلبها رأسا على عقب، كأن أحلم أني أحد البهاوات في قصر منيف وحولي الخدم والحشم والمنافقين، حتى إذا كدّت أصدق تلك التخاريف في غياب " نزاهة " قلب ابليس الصورة وإذا بي أتسوّل في أحد الشوارع " لله يا محسنين " وقبل أن يضع أحد قرشا في يدي، أجد نفسي في " جيب " مكافحة التسوّل!هو لا يريدني أن أتلذذ بالسعادة ولا حتى في الأحلام.
كان ملف الزواج أهم ملف يخدم عليه إبليس تماما مثل ملف " الارهاب " الذي يتأبطه زعماء العالم، فيأتي إبليس يتأبطه في كل ليلة، حتى يخيّل لي أنه في طريقه للبحث عن وظيفة في أحد المولات . لكن إبليس كان يقوم بدور " الخطّابة " وفي الملف من الإغواءات ما يجعلني أنسى كل الأحلام المتعلقة بالبنية التّحتيّة لهكذا مشروع أبدي. وفي اليوم الذي زغرد فيه إبليس بوضع حجر الأساس تركني وذهب!
تركني إبليس غارقا في بحر أحلامي المتعثرة، وبين أمواجه يتراءى لي الحلم البعيد على الشاطىء الآخر من هذه الحياة حيث أحوال العباد في يوم المعاد، وأن الله تعالى قد أعدّ لعباده المؤمنين في جنة الخلد " ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" حقائق بدون أحلام، وتبقى أحلام الغلابا " المبادرون " في هذا العالم تذهب أدراج الرياح، فلا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب مسطول
!
بواسطة : شتيوي العطوي
 5  0