×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
طلال مجرشي

أزمة العقول!
طلال مجرشي

قبل أكثر من عقود من الزمن ونحن نسمع عن وعود ومشاريع خدمية واجتماعية تمس المواطن وتحقق له الطموح والمستوى المأمول من العيش والرفاهية المناسبه. بحكم أنه يعيش في بلد حباها الله نعم شتى من الأمن والأمان والكنوز الطبيعيه والمكانة الاستراتيجيه. بالأظافة إلى انها دوله ثريه وتتمتع بمستوى عالى من الثروات والإمكانات كالبترول والموقع الاستراتيجي ونعمة وجود الحرمين الشريفين ومهبط الوحي ومسرى رسوله صلى الله عليه وسلم؛ وكانت لهذه المكانة وهذه المميزات الفريدة كافية لأن تجعل هذه الدولة المباركة تتبوء منزلة إقليمية ودولية رفيعة. وبموازات هذه الإمكانات وهذه الثروات الطبيعيه والزمانية والجغرافية نحتاج للعقول التى يجب أن تدير تلك المميزات واستغلالها في صالح المواطن الذي هو العمود الفقري للدوله ثم المجتمع.

ولكن ما يحدث أنه لم تتم الإستفادة الكامله لهذه النعم مع سخاء قياداتنا في الإغداق على الوزارات و الأجهزة الحكوميه في سبيل القيام بواجباتهم تجاه الوطن والمواطن. أين المدن الصناعية الكبرى التى تم الإعلان عنها قبل سنوات وأين المليارات التي رصدت لها وأين وصلت تلك المشاريع العملاقه.

وأين الفلل السكنية التى وعد بها أكثر من 60 في المئه من الشعب وأين ملايينها . وأين الملايين التى رصدت لتطوير التعليم وأين ذالك التطور وماذا لمس المواطن والدوله من هذا التطور الموعود.

مليارات تنفقها الدوله على الإسكان ولا سكن. ومليارات تنفق على التعليم ولا نرى تعليما على المستوى المأمول ومستوى ما ينفق عليه. ومثلها كذالك على البنية التحتية للمدن والشوارع وما زالت المدن تغرق يوما بعد يوم. والأزمات الفكريه تتنقل وتتطور مع مرور الزمن المتشدده منها والمنحرفة ولا يوجد لها حلول سوى مزيد من التصريحات الرنانه ونصب العداء للطرف الآخر .المتشدده منها بدأت بجهيمان وتطورت بعد ذالك وتوسعت وأصبحت القاعده ثم أصبحت أكثر تطورا لتصبح داعش ومن المؤكد أن تتطور يوما من الأيام وستنتج لنا مسما آخر أكثر عنفا وتطرفا.

والمنحرفة منها ابتدأت مع توسع الفضاء وتعدد القنوات توج بأنشاء أحد أكبر مجموعة قنوات إعلامية في الشرق الأوسط أخذت على عاتقها إفساد شباب وشابات المسلمين بمحتويات ومواد أقل ما يقال عنها أنها فارغه من أي قيم أخلاقية . فقط مهتمة بتعزبز الثقافة الأمريكية في كل تفاصيلها الدقيقة حتى على مستوى الاستديوهات والديكورات وزي المذيعين والمذيعات في برامجها.

في خلال 40 سنه الماضيه كل ما طفت على السطح مشكلة أو ظاهره اجتماعية تخل بالنسيج الوطني اصطفت في طابور طويل من الازمات والإفرازات المجتمعية بدون حلول جذرية حاسمة توقف تراكم الضواهر السلوكية والإجتماعيه في أي مجتمع.

لكن المضحك المبكي أننا نلاحظ ونشاهد الميزانيات الضخمه التي ترصد للوزارات ومؤسسات الدوله الرسميه وتعاقب المسؤولين على هرم تلك المؤسسات وكل له رؤيته وخططه التى لا تتفق مع سلفه ثم ما يلبث هذا المسؤول حتى تتم إقالته ويأتي الخلف برؤية مختلفه وهكذا دواليك.

ندور في حلقه مفرغه واختفت الخطط بإختفاء أصحابها وضاعت الملايين وضللنا نراوح في نفس المكان. عندما تختفي العقول المؤثره التي تبني ولا تهدم. من الطبيعي أن يتصدر المشهد العقول الخاويه ويصبح الترزز أمام الفلاشات والتصريحات المخدره أهم ما يتميز به المسؤول لدينا إلا ما رحم ربي.

لذالك الأزمة لدينا أزمة عقول فالامكانات المادية والبشريه موجوده والأرضية الخصبة متوفره والدعم والتشجيع من قياداتنا يراه القاصي والداني. لكنها العقول التى تتبدد على يديها كل هذه الميزات بسبب سوء إدارتها وعدم إستغلالها الإستغلال الأمثل.

عندما تتم محاسبة المسؤول علنا ويطبق قانون عمر بن الخطاب من أين لك هذا . ويتم تقييم واستمرار المسؤول بحسب ما يقدم وبحسب ما يلمس المواطن منه بدون( تمييز ) فعند تولي اي مسؤولية تهم المواطن يجب ان تختفي المسميات والالقاب ويصبح المعيار ( ماذا قدمت ) فقط . حينهانستطيع الاستفادة الكامله من هذه الإمكانات المتاحة لدينا. العقول المبدعه جعلت ألمانيا في ضرف 20 سنه تنهض صناعيا بعد الدمار الشامل الذى أصابها في الحرب العالمية الثانية.

وايضا العقول المبدعه جعلت ماليزيا في ضرف 23 سنه تتربع على عرش الدول الناهظه على يد مهاتير محمد وتنافس الدول الصناعية العضمى وبموارد وإمكانات متواضعه لا توازي الأرقام الخيالية التي تذهب في أرصدة وزاراتنا.

إذا وجدت العقول تتذلل الصعاب ويصبح المستحيل ممكنا حتى وإن قلت الموارد وقلت الإمكانات. كل شي لدينا القيادة الحكيمة لدينا والإمكانات المادية لدينا والأرضية القابله للإستثمار والإبداع والإنتاج لدينا فقط نحتاج العقول وهذا ما نتوقعه ونأمله بل ويجب أن نعزم عليه في الرؤية المستقبلية للمملكه. في تحقق الطموح الذي يستحقه الوطن والمواطن.
بواسطة : طلال مجرشي
 2  0