×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
طلال مجرشي

دروس من تاريخنا.. لم نعيها بعد
طلال مجرشي

بعث محمد صلى الله عليه وسلم في مجتمع جاهلي متناحر يلخص أحوالهم الشاعر زهير بن أبي سلمى :ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه.
يهدم ؛ ومن لا يظلم الناس يظلم.

كانت الأوضاع الاجتماعية في الحضيض ، قله قليله من الناس تستأثر بالمال والسلطه والشرف في وجه الأكثرية الساحقه ، ولو أعلنها عليه الصلاة والسلام ثورة إصلاحية يتساوى فيها الجميع في المكاسب والمقدرات لتداعت له أغلب الجماهير وأغلب القبائل في الجزيرة العربية التي كانت تعيش أوضاعا مأساوية تستحق التمرد عليها ، وهذا ينطبق على الأوضاع السياسية أيضا فقد كانت أوضاعا مزريه ، أجزاء من شمال الجزيرة العربية يحكمها ملوك عرب يتبعون للروم وأجزاء من جنوب الجزيرة يحكمها ملوك يتبعون للفرس ، ولو أعلنها عليه الصلاة والسلام ثوره قومية عربية لهبة قبائل العرب قاطبة دفاعا عن أرضهم وعروبتهم من الإحتلال الأجنبي ، ولكنه كان شعاره لا إله إلا الله ، كان يعلم عليه الصلاة والسلام أن الطائفية والمناطقية والنعرات الجاهلية والأفكار الوضعية متى ما تفشت في قوم إلا ومزقتهم وكسرت هيبتهم وأغرت عدوهم في إستباحتهم ، لذلك كان يجمع الناس على كلمة التوحيد وحذرنا من الإنزلاق في فخ الشعارات والعرقيات المقيته . فعاش المسلمين ككتله واحده ومجتمع موحد إنصهرت فيه جميع طوائفه ومذاهبه فتمكنوا وسادو وكانت لهم كلمة السبق في أغلب المجالات سواء في الطب أو الفلك أو غيرها ، وعلى مر التاريخ الإسلامي منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا هذا لم تعيش الشعوب الإسلامية في سياده ومنعه وقوة إلا عندما كان شعارهم الإسلام ؛ والإسلام فقط ، لا أحزاب ولا قوميات ولا أفكار ، كانوا يعلمون خطورة التشتت والتشرذم والإختلاف على النسيج الاجتماعي للمسلمين ، إلى أن تخلوا عن هذه الميزة التي رفعت من شأنهم ومكنتهم من حكم العالم ما يقارب من ثمانية قرون ، بينما يشهد التاريخ أن العصور المظلمه التى تعاقبت على المسلمين والتي فقدوا فيها القوة والسيادة واستباح الأعداء أرضهم ومقدراتهم إلا حينما تخلوا عن شعار الإسلام ، فتلقفتهم الأفكار من كل حدب وصوب تارة اشتراكية وتارة قوميه عربيه وكلها فشلت وحاليا ليبرالية تنويريه موضة العصر الحديث وكذبت الديمقراطية التي يبشر بها الغرب والسيد الأمريكي ونرى نتائجها في العراق وليبيا وسوريا واليمن ومينمار المنسيه والقضية الأم الفلسطينية التي طوتها الأحداث إلى إشعار آخر ، وبالتأكيد ستفشل كغيرها ، لأن المنهج الإسلامي الصحيح الذي فهمه الصحابة الذين تخرجوا من مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم لن يقف في وجهه تلك الإفكار الوضعية التي إن كانت فيها بعض الإيجابيات فهي وسط أكوام من السلبيات والماديات والإباحية.

فهل يعي الحكام والقادة العرب هذه الحقيقة المشاهدة من تاريخنا الإسلامي . وهل سيستفيدوا من الأوضاع المأساوية التي نعيشها اليوم كدول إسلاميه بسبب التهافت والتسابق على مناهج وأفكار الغرب من حداثه وقوميه ولبراليه ولم يجني منها المسلمون في المئة سنه الماضيه سوى ما آلة إليه أوضاعهم اليوم من جوع و فقر و تخلف و تدني في مستوى التعليم و مشردين ونازحين من أوطانهم و غرقى وقتلى على سواحل أوروبا هربا من بلدانهم ، ولم تكن هذه المئآسي التي تعيشها اليوم الشعوب المسلمه سوى حصاد السنين العجاف التى حكمتهم بعيدا عن منهج الإسلام الصحيح واستعاضوا عنه بمناهج نسج خيوطها أعدائهم فكانت لهم بردا وسلاما بينما في المقابل صارت نارا موقدة علينا ، فهم يزرعون الديمقراطية عندهم ويحاربونها عندنا ، فهل يعي المسلمون أم أنهم سائرون إلى حتفهم كما سارت قبلهم مدن الأندلس عندما تساقطت مدينة تلوا الأخرى وكل كان ينتظر دوره في سلم الترتيب إلى سقطت بالكامل وانتهى وجودها.


Talal-mj@hotmail.com
بواسطة : طلال مجرشي
 0  0