×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
شتيوي العطوي

وسادة تليق بفخامة رأسي !
شتيوي العطوي

وسادة تليق بفخامة رأسي !
أهلا بكم من جديد
قال أحد خبراء النّوم: الذي يحاول أن يتخلّص من أرقه بشراء وسادة ناعمة، سيكتشف أن الوسادة لا تكفي لإبرام صفقة نوم !
وبعد:
في كل ليلة تقريبا أضع فيها رأسي الصلب على الوسادة، أفكر في أحوال وأهوال الدنيا، وأنادي من تحت اللحاف: أيها الناس، من دخل قلبي فهو آمن ! ثم أكتشف بعد هذا النداء أن هناك من يطرق رأسي ليدخل فيه، وكأن رأسي " كراج "!
الحقيقة أن رأسي ليس فخما للدرجة التي يستحق فيها وسادة مكسوة بالحرير ومحشوة بريش النعام. رأس منفتح ومتأقلم مع أي وسادة حتى ولو كانت " جزمة ". ولا فرق إن كانت من الجلد إيطالية أو بلاستيك عربية، فالنوم لا يأتي عن طريق راحة الرأس.
وكنت فيما مضى من دهري أنام في أي مكان، وأجمل نومة هي التي تكون بدون تخطيط مسبق، وكنت لا أنام في النهار أبدا، ولا حتى وقت القيلولة، فلديّ رصيد هائل من النوم ليلا ، فجاء زمن رأيت الناس تنام في النهار أكثر من نومهم في الليل، فأصابني ما أصابهم في عصر التنوير ( تنوير البيوت بالكهرباء، وتنوير العقول بالتلفزيون) فاختل نظام الساعة البيلوجية.
وفي عصر الوسائد غير المريحة، كنا ننام وآذاننا مفتوحة لأصوات أوركسترا تعودنا عليها، فلا يزعجنا ولا حتى نهيق الحمار بن الحمار حين يطرب تالي الليل . شيء رائع حين تجد فخامة التيس وهو ينغط ، أو يقنت عند رأسك، وعينه على الجماهير الهاجعة، وكأنه يفكر في مستقبل " المعيز " !
لا بد وأن الناس اليوم يعتنون جيدا بالوسائد الناعمة المريحة، والفرش والأغطية الوثيرة، ومع ذلك يعانون من الأرق، لأن الفكر مشغول بتكاليف الحياة التي سئم منها زهير قبل أكثر من ألف سنة، تجاوزت " عدل الطحين " إلى السوبر ماركت، وذلك الازعاج والقرقعة التي تقرقع من حولك، فتفزع، وإذا الأولاد يقلون البطاطا. لقد جاعوا بعد عشاء من طول السهر ! حينها أنت بحاجة إلى وسادتين: واحدة تحت الرأس، والأخرى فوقه، وتتمنى أن تهنأ بنومة، كنومة أهل الكهف .
الحقيقة أنني لم أفقه مقولة " الصباح رباح " إلا متأخرا، وهذا يعني أن ننام أولا، ثم نقرّر. كان ذلك منهج أهلنا حيال طلباتنا وقراراتنا الطفولية الفورية. فربما ننام نحن وننسى، أو يناموا هم وينسون،.أو يطرأ عل بالنا أو بالهم في الصباح أمر آخر هو أجدى وأنفع. لذلك حين تواجهني مشكلة ،أتذكر تلك المقولة وأهرع إلى النوم، ليس هربا منها، ولكن لأعطي دماغي فرصة لإستعادة برمجته .
وقد تأكد لي صحة النظرية " النوم أولا " حين رأيت في بعض المؤتمرات والندوات أناسا نائمين، وآخرين نعسانين. يحدث ذلك في مؤتمرات تتعلق بمصائر شعوب، فكيف بأمور هي دون ذلك ؟
لم يعد النوم عبادة كما يقولون، بل سياسة أيضا، يتمخض عنه قرارات صائبة وخطط استراتيجية لا يندم على اتخاذها صاحب قرار.فالنوم يمنح الانسان فرصة تخمير الأفكار.وكم من فعل أو ردة فعل أو قرار فوري أدى إلى عواقب وخيمة، ولو جاءت تلك بعد نومة لما خسر أحد أو ندم.
ومن يجرب سيكتشف أن للوسادة ولو كانت " بلكة " سحرا في حل كثير من المشاكل، لذلك أقول: كبروا الوسادة، وناموا، وبعدين قرروا!
أرقدوا بسلام، والسلام
بواسطة : شتيوي العطوي
 3  0