×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
سعود العمراني

لو سمحت!!
سعود العمراني

لو سمحت!!


دخلت أحد المطاعم و كان العاملين فيه من جنسية عربية و طلبت ما أريد مسبوقاً بكلمة لو سمحت و جلست إلى إحدى الطاولات انتظره و لكن أحد الزبائن الذي انتهى للتو من إفطاره بدأ بالكلام بنبرة غضب و بأشياء لم أفهمها جيداً، و حقيقة لم ألتفت له لأني لم أعتقد أنه كان يقصدني. لكن تنبهت بعد أن طال حديثه أنه يعنيني، قلت له: عذراً هل تتكلم معي؟! قال: نعم. قلت: خيراً إن شاء الله.. قال: لماذا قلت له لو سمحت؟! قلت: و ما المشكلة؟! رد بحنق: أنت تشتري بمالك و ليس له منة و لا فضل حتى تقول له لو سمحت !!

سكت و لم أرد لأن العامل يفهم ما نقول و لأني خفت أن يبدأ بشتم العمالة الوافدة و لكن سكوتي لم يرد غيضه و ما خفت منه وقع، فقد بدأ بكيل التهم لهم و أنهم من دمروا البلد و أننا بخير لو خرجوا من عندنا و نسي أنهم لو خرجوا لما وجد إفطاره الذي التهمه للتو!!

في الحقيقة لا ألوم صاحبنا هذا فنحن لا نملك ثقافة العمل في مثل هذه المهن و لهذا تجدنا لا نعرف كيف نتعامل مع ممتهنيها و لكم أن تتخيلوا أنه لو كان العامل سعودياً كيف سيكون تعليق الرجل و هل سيقبل أن أقول لو سمحت أم سيرفض؟! أعتقد أنه لن يرى ضيراً في ذلك دام أنه ابن البلد أما الاجنبي فلا لأن فيها شيء من المهانة !!

يبقى السؤال المهم هل حقاً كلمة لو سمحت تحمل و لو شيئاً قليلاً من المهانة؟! الاجابة بالطبع لا، و لكنها السحر الذي ترميه على كل من يؤدي لك خدمة لكي يتخلص من شعور الدونية و يخدمك بكل سعادة، بل و قد تتعجبون من أنه كلما زاد الشخص في البداوة كانت لو سمحت قاصمة لظهره و أجبرته أن يساعدك إلى أقصى حد و كثيراً ما كانت هذه الكلمة بعد توفيق الله السبب في تسهيل معاملاتي داخل الدوائر الحكومية !!

العرب قوم فيهم أنفة و يرون تحرجاً كبيراً في خدمة الاخرين و كلنا نعرف قصة عمرو بن هند و لماذا قتل، بل يكفيك أن تعرف أن كلمة مهنة في اللغة مشتقة من مهانة فليس يضرك أن تتأدب مع الجميع و أن تسبق طلباتك كلمة بسيطة مثل لو سمحت و أن تعقب الخدمة بشكراً !! العمالة و الموظفين رجال مثلك فيهم أنفة و مروءة و ليسوا مخلوقات من شمع وضعت لراحة معاليك، فإذا رأيت أن كلمتين تسببان لك حرجاً و تجرح كبريائك فلا تستطيع قولهما فما بالك بمن يقوم و يجلس من أجلك؟! ... إزدواجية معايير،لا؟!
بواسطة : سعود العمراني
 4  0