×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
عبدالله بن كريم بن عطيه العطوي

ما أشبه اليوم بالامس
عبدالله بن كريم بن عطيه العطوي

ان منطقتنا العربية هي منطقة شهدت تاريخياً وعبر آلاف السنين حضارات إبتلعتها رمال الصحراء. وشهدت بظهور الاسلام سيادة وعلو لم يقتصر على قلب الجزيرة وأطرافها وإنما خرجت إلى العالم لتقيم واحدة من أقوى واكبر الامبراطوريات التي عرفها التاريخ وعند سقوط عاصمة الخلافة العباسية على يد الشعوب التتريه فإن الحيوية المتدفقة في القوة الإسلامية ظلت لا تعرف التوقف والانتهاء فسارعت ورفعت هذا المجتمع في حركة جديدة ظافرة استطاعت ان تندفع إلى الأمام وتجسدت هذه الحركة في الدوله العثمانية وقيام دولة الأندلس. والتي كانت أعظم دوله حينها وعاصمتها (قرطبة) وقامت فيها طفرة علمية وقدمت للعالم آلاف العلماء الذين اثروا العالم بعلوم جديدة ولكن هذه المملكة عانت الكثير من المصاعب بسبب تدخل الامارات المسيحية من خلال إرسال العديد من (العسس) وهم بمثابة جواسيس لجمع المعلومات وبث الإشاعات بالمجتمع الاندلسي . فنشأ صراع على السلطة نتج عنه ظهور (٧) ممالك صغيرة فزادت الممالك المسيحية من تدخلاتهم في شئون الإمارات الأندلسية فزاد إنقسامهم إلى (٢٢) دويلة وهيمن على أمراء هذه الدويلات رغبه السلطة وشهوة المال وشهوة الغريزة فأصبحوا متصارعين واستعانوا بالممالك الأوروبية لمحاربة بعضهم البعض وتساقطت دويلاتهم الواحدة تلو الأخرى فكان آخرها مملكة غرناطة التي لم يستطيع ملكها الضعيف ( ابو عبدالله الصغير ) الصمود أمام ( فرناندو ) ملك *قشتاله و ( ازابيلا) ملكة ( قردون) وسلم لهم مفاتيح مدينته وخرج منها وجلس على صخره ينظر إلى قصره ويبكي بحرقة فقالت له والدته المناظلة الحره ( عائشه) أبكي كالنساء على ملك كان يجب ان تدافع عنه مثل الرجال وبذلك سقطت الأندلس تماماً عام (١٤٩٢)م وهكذا فإن تصاريف القدر وشؤونه سرعان ما دفعت بالمنطقة العربية إلى العزله والفراغ التاريخي وبقينا طيلة (٦٠٠) سنه في العهد العثماني نشعر بأننا أمة واحدة ومجتمع واحد . وقد أستطاعت الدوله العثمانيه في مرحلة ازدهارها الأولى حماية الأمة العربية والاسلامية ورد أصحاب المطامع. ولكن الوهن أخذ يدب في الأمبراطورية العثمانيه وتحولت في نهاية القرن الثامن عشر إلى أرث تكالبت عليه الدول الاستعمارية المختلفة وبالطبع كانت بريطانيا من أقوى الطامعين وافتتحوا لعبة الأمم التي لم يسمع العرب بها ولم يستوعبوها إلا بعد مضي سنوات طويلة وهي أشبه ما تكون بصراع المخابرات السياسية والعسكرية من قبل الدول الأوروبية الكبرى في الشرق الأوسط من خلال إرسال العديد من المستشرقين منذ منتصف القرن الثامن عشر وكل من هؤلاء كانت مهمته التجسس على العرب أشخاصاً وحكاماً وزعماء وكان التجسس في تلك الأيام خليطاً من الإكتشاف الجغرافي والتفاوض السياسي والتخابر الشخصي . وقد شملت مغامرات هؤلاء الجواسيس رقعة جغرافية واسعة ولعبوا لعبتهم باسلوب لا يختلف كثيراً عن أساليب العسس في الاندلس وإن كانت أكثر إثارة وخطراً إلا ان أهم ما دونه هؤلاء المغامرون قبل مائتي سنه ما زال مستمراً في بلاد العرب بأسماء جديدة للأهداف القديمة نفسها وفي نهاية عام ١٩١٧م وقع ما كان * ايذاناً ببدء تقسيم الوطن العربي الى دول لاتزال تعاني من نتائجه فمنذ أن أغرتنا أوروبا بمصطلحاتها ومفاهيمها القومية وسموم العنصرية المقيتة وأدرك أعدائنا سر لحمتنا بدؤوا العمل بتخريب فكري واسع بث في صفوفنا سموم الفرقة بمختلف أشكالها . فأقاموا الجنسيات بمفهوم بدائي ضيق لا يتجه للأنسان وإنما يتجه إلى التجزئه. وفي مطلع القرن الواحد والعشرون قامت القوى المهيمنه بزج جيوشهافي العرا ق وليبيا وسوريا لإحداث المزيد من التجزئة والضعف والإنقسام و تحقيق التبعيه الذليلة لهذا أو ذاك. فانفصمت الأمة عن حقيقتها وتجاهلت النور الذي تحمله والكتاب الذي تؤمن به ( نسوا الله فأنساهم أنفسهم) لذلك لابد من الاعتراف بأن الطريق الذي سلكه العرب لبناء كيانهم الجديد واسترداد مركزهم في العالم وكسب القوة والوحدة كان طريقاً عقيماً منحرفاً يحبط الساعي ويخيب الآمال ولابد من الأعتراف بشجاعة إن الظلم مرتعه وخيم وإن مراعاة وجهة النظر الغربية مبيد للبلاد مهلك للحرث والنسل. ولابد من الأعتراف بأن الثرثرة الإعلامية والتفريط في الأستعداد وعدم مقابلة القوة بالقوة والغفلة وارتكاب الأغلاط جريمة لا تغتفر في عالم الأسباب ونعترف بشجاعة ان العرب لا تفيدهم قوة أجنبية ولا تخدمهم مصالح سياسية للأجانب تتقلب مع الرياح وتخضع للمنافع والأرباح. ثم إن التاريخ لا يرحم ولا يغفر، فالعرب اليوم يعاملون التاريخ تارة وكأنه غير موجود وطوراً وكأن بينهم وبينه شراكة وتواطؤ يطلبون من التاريخ أكثر مما يعطون وليس للأمم على التاريخ حقوق. والحق ليس منتصراً ابداً لا في النهاية ولا في البداية إذ لم ينصره أهله فيكتبون هم التاريخ ولا يكون لهم مكتوباً. هكذا أصبحنا أمماً بعد ان كنا أمة واحده وأوطانً بعد أن كنا وطناً واحداً ملايين البشر ولكن كغثاء السيل فما أشبه اليوم بالأمس.


عضو مجلس المنطقة
لواء متقاعد/ عبد الله بن كريم العطيات
بواسطة : عبدالله بن كريم بن عطيه العطوي
 0  0