×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
مشهور عوض الجهني

نباح على أطراف المدن!
مشهور عوض الجهني

تمر السعودية هذه الأيام بمرحلة انتقالية مهمة هدفها العودة للإسلام المعتدل والتخلص من بعض الأفكار المتطرفة وتنقية العقيدة الاسلامية السمحة من شوائب التقاليد البالية والفصل بين المُحرم شرعاً والمحرم عُرفاً.


والحكومة السعودية تطبق هذه التحولات الطبيعية التي تناسب عصرنا الحالي بكل هدوء من خلال قرارات حكيمة مدروسة ومتفق عليها من غالبية العلماء والمثقفين المعتدلين ، تناسب تطلعات الشعب السعودي وتحافظ على هويتنا الدينية والثقافية ولاتمس جوهر عقيدتنا السمحة.


ورغم أن نهج الحكومة السعودية وطريقة عملها هو الوسطية والاعتدال والموازنة بين عصرنة الدولة وتحديث المجتمع المدني وبين الحفاظ على الخصوصية الثقافية للبلد إلا أن البعض لايؤمن بهذا النهج ولايستطيع التفكير بهذه الطريقة العقلانية وحّول الاختلاف الطبيعي والمطلوب في هذه المرحلة إلى خلافات حادة ومهاترات مستمرة وأخرج النقاش عن مساره لينحرف للمزيد من التطرف في جميع الاتجاهات ففي مواجهة التيار المتشدد الذي يرفض أي تغيير أو تحديث للحياة الثقافية والاجتماعية يقف تيار ليبرالي أكثر تطرفاً يدعو للمزيد من التحرر ويحاول تطبيق نماذج غير مناسبة للمجتمع السعودي المحافظ وبالتدريج تحولت هذه الاختلافات لخلافات وحرب مفتوحه بين تيارين متناقضين تماماً لايؤمن أحدهما بالحلول الوسطى أو الأفكار المعتدلة ولايهتم أي منهما بالمتطلبات الحقيقية للمجتمع السعودي بقدر اهتمامه بمهاجمة خصمه وهزيمته!


ولأن هذه الحرب مفتوحة فقد دخل ساحتها الكثير من المتطرفين الأغبياء الذين وجدوا الدعم من قنوات معينة وإعلاميين لهم أجندات خاصة وتحولت مطالبهم وآرائهم لمجرد تصفية حسابات مع الخصوم واساءات لهذا المجتمع واستفزاز لمشاعر المواطنين، حتى رأينا أحدهم يصف صوت الآذان بالمزعج والمرعب ولولا الخوف من ردة فعل الناس لوصف صوت أجراس الكنائس بالصوت الشجي المطرب وطالب بوضع تلك الأجراس فوق مآذن المساجد وكل ذلك لانه يعتقد أنه بمهاجمة الدين الاسلامي إنما يهاجم التيار المتشدد!


وفِي الطرف المقابل نرى متطرفين أغبياء يسيئون لكل من يرفض فكرهم المتشدد ونهجهم المتخلف ويوزعون التهم على كل من يخالفهم الرأي والقناعات.


لكن الشعب السعودي الذي تميز بصعوبة اختراقه سياسياً عندما يتعلق الأمر بالوطن والقيادة يتميز أيضاً بصعوبة اختراقه ثقافياً عندما يتعلق الأمر بالعقيدة والهوية ولذلك سيبقى هذا الصراع بين هذين التيارين مجرد صراع فردي بين أشخاص لهم أجندات خاصة وتأثيره لن يطال الشعب السعودي لأن السعوديين يرفضون التطرف بفطرتهم ويرفضون أية أفكار منحرفة تسيء لعقيدتهم ويثقون تمام الثقة بقيادتهم وبمثقفين ومفكرين معتدلين في هذا الوطن ويتطلعون للمزيد من النقاش العقلاني وللمزيد من التغيير والتطوير الذي يناسب هذا العصر ويحافظ على هويتهم وثقافتهم وستبقى هذه الاستفزازات مجرد نباح على أطراف المدن لايزعج ولا يقلق النوم.
بواسطة : مشهور عوض الجهني
 1  0