×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
الدكتور ممدوح العنزي

الإبداع وتزييف الوعي العربي
الدكتور ممدوح العنزي

تستسلم بعض الشعوب لدراسات أجنبية على أنها حقائق لا يأتيها الباطل ولا تقبل الجدال، وهذا ما رسخته الدراسات الموجهة والممولة لترسيخ فكرة تفوق العرق الغربي على الأعراق الأخرى، وهذه نظريات فلسفية روجتها الدول الاستعمارية للحفاظ على تفوقها العلمي والتكنولوجي، وقتل كل محاولات الإبداع والخروج من التبعية لهم، ومن خلال مراكز تزييف الوعي المنتشرة في الغرب تحت مسميات علمية ترعاها بعض المؤسسات التي يقع على عاقتها الحفاظ على ترتيب العالم، وتدعي أن سلالات بعينها خصها الله سبحانه وتعالى دون غيرها بما يجعل منها جنسا متفوقا مؤهلا أن يسود ويهيمن ويسيطر على مقادير الآخرين، هذه الدعاوى العنصرية تحيا بيننا إلى اليوم، بل وتجد من يدافع عن مصداقيتها ، ويروج لأباطيلها الرامية إلى إقناع الغير بالدونية، وقبول الخضوع لإرادة أصحاب الأعراق النقية الذى ينبغي لهم الإمساك بمصير العالم والتحكم بمقادير شعوبه.


والتاريخ يعلمنا هنا أيضا أن مثل هذه الدعاوى هي الباطل بعينه؛ فالحضارات الإنسانية لم تكن حكرا على أي من هذه السلالات التي تدعي بالباطل حقا ليس لها، ومراجعة لسجل الحضارات الإنسانية العملاقة ، تضعنا أمام حقيقة جلية هي أن شعوبا متباينة الأعراق والألوان ، أسهمت في بناء هذه الحضارات التي ازدهرت بفضل إبداع هذه الشعوب وتضافر قواها لتحويل الأحلام إلى حقائق وإنجازات تظل شاهدة على التاريخ، فتوالت الحضارات المختلفة لينتج عنها الحضارة الحالية التي هي بالتأكيد ليست نهاية التاريخ كما ادعوا وروجوا لهذه الفكرة، وإن وعينا بهذه الحقيقة البسيطة ، يجعلنا نرفض دون أي تردد الدعاوى العرقية التي تسعى إلى بث أفكارها المريضة وأباطيلها بين الشعوب التي تخلفت لافتقادها إلى القدرة على الإبداع ، وإنما لفقدها الشروط الواجبة كي تكتسب شعوبها هذه القدرة ، فالإبداع الذي ننشغل به في هذا المقال ، ليس كما رأينا، خاصية تؤثر بها الطبيعة فردا بعينه ، يتميز هنا أو هناك بإنجاز عمل عبقرى لا يشاركه فيه أحد ، كما أنه أبعد من أن يكون خاصية يستأثر بها جنس بعينه دون بقية أجناس الأرض. وإنما الإبداع كما نفهمه هو خاصية من خواص العقل البشرى حينما تتوفر له شروط التكوين الصحيح، خاصية يمكن إكسابها الإنسان بالتربية التي تتم فى ظروف مواتية للخلق والعمل الحر غير المسبوق والمبادرة الذكية للإنسان في مواجهة التحديات والمواقف الجديدة.


وأخيرا نرفض النظر إلى هذه الخصائص باعتبارها أشياء موروثة ، والوعي بهذه الحقيقة يجعلنا نرفض دون تردد الدعاوى العرقية التي تقصر الإبداع على جنس دون غيره.



دكتور ممدوح عواد العنزي

وكالة الجامعة للفروع
بواسطة : الدكتور ممدوح العنزي
 3  0