×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
مشهور عوض الجهني

ليت السنة كلها "رمضان"!
مشهور عوض الجهني

( ليت السنة كلها "رمضان" )

بعد اكتشاف النفط ودخولنا مرحلة الطفرة التي صاحبها توسع كبير في المدن ونهضة عمرانية شاملة وانتشار للتعليم وتعدد في فرص العمل، تغير نمط الحياة في السعودية وانتقل المجتمع السعودي من التجمعات البدوية والقروية الصغيرة للحياة المدنية الحديثة وهو تحول طبيعي فرضته علينا الحياة العصرية التي غيرت بعض أفكارنا وأساليب حياتنا لكنها لم تؤثر على تمسكنا بأخلاقنا النبيلة التي نستمدها من تعاليم ديننا الحنيف وأخلاقنا العربية الكريمة وتقاليدنا العريقة واقتبسناها من الآباء والأجداد الذين عاشوا بيننا في ذلك الزمن الجميل.

لكن بعد التسارع المخيف في وسائل الإتصال والتواصل في السنوات الأخيرة، ونتيجة للتأثير الإعلامي الهائل والاحتكاك المباشر بالحضارة الغربية التي طغت عليها المادة وأفقدت شعوبها الكثير من القيم الانسانية النبيلة بدأنا نتأثر بنمط حياتهم وبالكثير من أفكارهم وسلوكياتهم وتخلينا عن بعض المبادئ والقيم بحجة ضغوط الحياة وتعقيدات الزمن وتغّير المفاهيم.

تقدمت لدينا وسائل الإتصال والنقل وتراجعت صلة الرحم وزيارة الأقارب والأهل؛ توسعت المدن وتلاصق البنيان وتباعد الجيران إزدادت النعم وكثرت الخيرات وشحت الصدقات وأصبحت المادة هي المحرك الرئيسي لحياتنا والهدف الوحيد لنا والمعيار الذي يحدد مكانة البشر وقيمتهم وطريقة التعامل معهم في مجتمعنا وتباعد الأهل في المنزل الواحد وظهرت بوادر التفكك الأسري وأصبحت مجتمعاتنا العربية مجرد نسخة مشوهة عن المجتمعات الغربية المتقدمة صناعياً والمتراجعة إنسانياً لأننا لم نقتبس منهم إلا السلبيات!

لكننا في كل عام وفِي شهر رمضان المبارك بالتحديد وبعد أن نستمع للكثير من المواعظ والخطب و نقرأ الكثير من المقالات التي تتحدث عن هذا الشهر الكريم، نتوقف قليلاً ونشعر بتأنيب الضمير ونحاول العودة لطبيعتنا وحقيقتنا لنكثر من العبادة ونعيد حبال الود المقطوعة ونطعم الطعام ونفشي السلام ونصل الأرحام ونحسن للجار ونتغاضى عن الإساءة ونلتزم بالأخلاق ونبتعد عن النفاق حتى ينتهي هذا الشهر الفضيل لنعود بعده بأيام لسابق عهدنا وكأن شهر رمضان مجرد ذكرى سنوية نحتفل بها بمكارم الأخلاق ونتذكر فيها أيام التعاطف والتراحم وصفاء القلوب فليت العام كله رمضان لنعود للزمن الجميل، زمن الألفة والخير وليتنا ندرك أن العيب فينا نحن وليس في الزمان وأن التمسك بالدين والتقاليد والأخلاق الانسانية الرفيعة لايعطل المصالح ولايؤثر على العمل ولايتعارض مع التحضر والتطور والحياة العصرية.

كل عام وأنتم بخير..

بقلم/ مشهور عوض
بواسطة : مشهور عوض الجهني
 0  0