×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
يحيى عري

"هذا هو النّظام"
يحيى عري

"هذا هو النّظام"
كثير مايُعبر في مجتمعاتنا العربية بقولهم : "هذا هو النّظام" للدلالة على صعوبة الأمر، ومشقته في أغلب الأحيان، حتى أصبحت هذه الكلمة ممجوجة لكثير من النّاس.
ولو أردت أن تذم أحداً لقلت: "فلان نظامي" للإشارة أن استيعابه الفكري للنّظام لا يخرج عن حدود الأوراق التي بين يديه، حتى وإن كانت الظروف المحيطة بالقضية لا تخدم تلك المصلحة التي من أجلها وُضِع النّظام.
ولو تأملنا في أحوال النّاس لوجدنا أن العقل البشري الواضع لتلك القواعد النّظامية، قاصر عن استيعاب جميع الظروف والأحوال الشخصية لكل حالة، وهنا يأتي دور الحكمة عند "السيد المسؤول" في فهم النّظام وتطبيقة فيما يُحقق تلك المصلحة المجتمعية التي بُني من أجلها النّظام.
وكما أنّ الشريعة الإسلامية وضعت قواعد عامة تضبط مصالح النّاس وتصرفاتهم، ثم استثنت منها قضايا خاصة لا تندرج تحتها يعرفها أصحاب التخصص والاجتهاد والفتوى في كل فنٍ من علومه.
لذا فإن "تحديد الكُلّ" في تطبيق النّظام على الجميع باختلاف ظروفهم وأحوالهم جورٌ وظلم، وفي إهماله فساد، فلكلّ قاعدة استثناءات تختلف باختلاف الأحوال والأزمان والأماكن، فالقرية البعيدة ليست كالمدينة، والجاهل ليس كالمتعمد، والموظف المُثابر في عمله ليس كالمهمل... والذي أرمي إليه أننا بحاجة إلى فهم النّظام، والباعث على وضعة قبل تطبيقة.
فما أقبح النّظام لو جُعل بين يدي مسؤول لا يتجاوز فهمه له حدود تلك الفقرات والسطور التي يحتويه.
وأقبح من ذلك من جعل من النّظام سلاحاً شخصياً يبسطه على كلّ مُخالف.
ولو علم الرئيس والمرؤوس أن النّظام ما جُعل إلا لخدمتهم، وتحقيق المصلحة المرجوة، والعدل بين الجميع لا التّساوي، لما احتجنا إلى مُعالجة التّحايُل عليه، وتجاوزه، وسدّ الكثير من ثغراته.
فإذا رأيت إبداعاً في دائرةٍ أو مؤسسةٍ ما، فاعلم أن خلفها فهمٌ لنّظامه، وحكمةٌ في تطبيقة، عندها سيُطرب مسامعك من سيَقول لك: "هذا هو النّظام".
بواسطة : يحيى عري
 4  0