ليالي "دمج" 5
شتيوي العطوي
ليالي "دمج "(5)
أهلا بكم من جديد، وتحية لكم، ولجميع المزغردين في ليالي " دمج "
وبعد:
استوطنت "دمج " قديما، أيام الجاهليّة الأولى (العزوبيّة) وكان استيطانا مؤقتا في صندقة من الصفيح والخشب، وكانت الغاية زراعة شيء مما تنبت الأرض، ولم يكن" الورد " يومئذ في الحسبان لأني في الحقيقة لا أعرف أي نوع منه.
لم ينجح المشروع، ولم ينبت ثوم ولا بصل، وقد تولّى الطعس الغربي دفن كل تلك الأحافير التي أحدثها العبقري "أنا" أملا في جنّة بين طعسين تشدو بلابلها وتنوح على الأثل حمائمها.
كان قرارا حكيما حين ولّيت مدبرا - غير آسف- عن بئر معطلة بعمق مترين، وصندقة خاوية على عروشها يتمغط فيها أبو الحصين، واستودعت المكان لسرب من الغربان كانت تنعق فوق رأسي، ويمّمت وجهي هربا شطر المدينة، ولم يك هناك من أحد غير صاحب جيب شراع يجلس على رأس طعس وقت العصر يجر الونّة على الربابة وأمامه " مسجل ".
فقلت ساخرا وأنا أرى ذلك المشهد: هنا استديوهات "دمج "!
لم يدر في خلدي أن المدينة ستأتي في يوم من الأيام تغني وترقص في "دمج "، وأن " دمج" ستكون ضاحية الأفراح والليالي الملاح، ولم يك في حسابي أن أعود وأستوطن" دمج ".
وهاأنا في هذه الليلة أجلس قريبا من تلك الأحفورة التي أحدثتها ذات يوم، وأنا أستمع لصوت قادم من أحد قصور الأفراح:
دللتني وزهيتني..وأخر طريقي معاك.. وسط الطريق خليتني
ياريت ما دللتني..ياريت ما زهيتني
دللتني بأول دلال..فاحت جناين روحي
خليتني بعد الدلال..أمشي الطريق بروحي
ما كان بحسابي أنا.. عمر الغلا رحلة قصيرة
وكم كان بحسابي أنا.. شط الحياة وأجمل جزيرة
دللتني بأول غلا.. عمري بدا.. يغزل نواوير الزهر فايح ربيعه
ودللتني سرنا سوا .. إنت وأنا.. نبني على شط الغلا دنيا وسيعة
لم يكن هذا الصوت الطروب هو فقط الذي يصدح في فضاء "دمج" هذه الليلة، بل هناك العديد من الأصوات التي يعج بها أثيره، وتعانق ليله من غروب شمسه إلى طلوع فجره. وكم هو جميل وأنا أسترق السمع لصوت أم كلثوم لأستخلصه طربا من بين أصوات الدبكة والدحية والديسكو المنبعثة من قصور الأفراح، وكل تلك الأصوات العذبة والنشاز تصل مسمعي من على بعد نصف كلم، فأخرج في الحوش أفكر، وكأني" نيوتن " مع فارق التفكير، فسقوط التفاحة جعلت " نيوتن " يكتشف الجاذبية الأرضية، لكن سقوط رصاصة طائشة على أم رأسي في ليلة عرس ربما تجعلني أفكر في الحلقة المفقودة التي بحث عنها "داروين " ولم يجدها، فيما يسمى نظرية التطور.
ربما تحتاج دمج إلى نظرية " تطوير " وفك لغز الحلقة المفقودة.
"وكم كان في حسابي أنا .. شطّ الحياة وأجمل جزيرة "
والسلام
يتبع، إن شاء الله تعالى
أهلا بكم من جديد، وتحية لكم، ولجميع المزغردين في ليالي " دمج "
وبعد:
استوطنت "دمج " قديما، أيام الجاهليّة الأولى (العزوبيّة) وكان استيطانا مؤقتا في صندقة من الصفيح والخشب، وكانت الغاية زراعة شيء مما تنبت الأرض، ولم يكن" الورد " يومئذ في الحسبان لأني في الحقيقة لا أعرف أي نوع منه.
لم ينجح المشروع، ولم ينبت ثوم ولا بصل، وقد تولّى الطعس الغربي دفن كل تلك الأحافير التي أحدثها العبقري "أنا" أملا في جنّة بين طعسين تشدو بلابلها وتنوح على الأثل حمائمها.
كان قرارا حكيما حين ولّيت مدبرا - غير آسف- عن بئر معطلة بعمق مترين، وصندقة خاوية على عروشها يتمغط فيها أبو الحصين، واستودعت المكان لسرب من الغربان كانت تنعق فوق رأسي، ويمّمت وجهي هربا شطر المدينة، ولم يك هناك من أحد غير صاحب جيب شراع يجلس على رأس طعس وقت العصر يجر الونّة على الربابة وأمامه " مسجل ".
فقلت ساخرا وأنا أرى ذلك المشهد: هنا استديوهات "دمج "!
لم يدر في خلدي أن المدينة ستأتي في يوم من الأيام تغني وترقص في "دمج "، وأن " دمج" ستكون ضاحية الأفراح والليالي الملاح، ولم يك في حسابي أن أعود وأستوطن" دمج ".
وهاأنا في هذه الليلة أجلس قريبا من تلك الأحفورة التي أحدثتها ذات يوم، وأنا أستمع لصوت قادم من أحد قصور الأفراح:
دللتني وزهيتني..وأخر طريقي معاك.. وسط الطريق خليتني
ياريت ما دللتني..ياريت ما زهيتني
دللتني بأول دلال..فاحت جناين روحي
خليتني بعد الدلال..أمشي الطريق بروحي
ما كان بحسابي أنا.. عمر الغلا رحلة قصيرة
وكم كان بحسابي أنا.. شط الحياة وأجمل جزيرة
دللتني بأول غلا.. عمري بدا.. يغزل نواوير الزهر فايح ربيعه
ودللتني سرنا سوا .. إنت وأنا.. نبني على شط الغلا دنيا وسيعة
لم يكن هذا الصوت الطروب هو فقط الذي يصدح في فضاء "دمج" هذه الليلة، بل هناك العديد من الأصوات التي يعج بها أثيره، وتعانق ليله من غروب شمسه إلى طلوع فجره. وكم هو جميل وأنا أسترق السمع لصوت أم كلثوم لأستخلصه طربا من بين أصوات الدبكة والدحية والديسكو المنبعثة من قصور الأفراح، وكل تلك الأصوات العذبة والنشاز تصل مسمعي من على بعد نصف كلم، فأخرج في الحوش أفكر، وكأني" نيوتن " مع فارق التفكير، فسقوط التفاحة جعلت " نيوتن " يكتشف الجاذبية الأرضية، لكن سقوط رصاصة طائشة على أم رأسي في ليلة عرس ربما تجعلني أفكر في الحلقة المفقودة التي بحث عنها "داروين " ولم يجدها، فيما يسمى نظرية التطور.
ربما تحتاج دمج إلى نظرية " تطوير " وفك لغز الحلقة المفقودة.
"وكم كان في حسابي أنا .. شطّ الحياة وأجمل جزيرة "
والسلام
يتبع، إن شاء الله تعالى