×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
الدكتور نايف الجهني

خاطرة.. من محب بعيد!!
الدكتور نايف الجهني

خاطرة.. من محب بعيد!!



رغم أنني متوقفٌ عن الكتابة، لأسباب عديدة ، أعني بذلك الكتابة الصحفية ، إلا أنني في هذا اليوم الذي أقرأ فيه خبر عتق رقبة أحد شباب هذه المنطقة، بمسامحة من ولي أمر المجني عليه، ابتهجت وتحركت في داخلي قوافل الكلمات، تجر فرحة عميقة وترش في جنبات البياض عطرها من جديد ، وزادني بهجة تلك التفاصيل التي حملها الخبر، والذي ينقل لنا وقفة إنسانية عظيمة من أحد رجال الأمن، وهو العميد وليد الحربي، الذي رسم ملامح هذه الحالة الإنسانية، وهذا الانجاز الاجتماعي الكبير، هو ومن معه من زملائه.

ففي الحقيقة أن المجتمع دائمًا يتوق إلى مثل هذه الأخبار التي تعكسُ جوهره الإنساني، وروح محبة الخير فيه، وحرصه على أن يستمر كما كان مجتمعًا متماسكًا مترابطا، يفوح أريج الحب بين أركانهِ، وتستمر الوقفات الإنسانية بالتدفق فيه من كافة أبنائه رجالًا ونساءً.

ولعلنا دوما نتهرب أو نستاءُ، ونصاب بالحزن عندما تكثر في حياتنا الأخبار السلبية، وفي المقابل نتطلع دوما إلى ما ينثر في فضائل، ماهو مبهج ومشجع على الحياة... فها نحن نطل بسكون صباحنا اليوم الإثنين، على خبر أفرج المجتمع بأكمله وحرك في نفوس أبنائه أشكالا متعددة وصورا ملونة لمشاعر التعاطف والحب والتكامل العاطفي، و نشكر صحيفة صدى تبوك التي تسعى في نشرها ومواكبتها إلى صنع اتزان في عملية نقل الأخبار الاجتماعية. ونعيد القول، بأن الأمل قائم بأن يستمر الأعلام في تعزيز قيم الحب والوفاء والتسامح من خلال نشر مثل هذه الأخبار ، واستغل حديثي عن هذا، بالتعبير عن فخري بوجود رجل مثل هذا الرجل الذي عفا عن قاتل ابنه، مقابل نظرة تجاوزت الدنيا وما فيها إلى نظره تتوق إلى رحمة الخالق، وإلى الجزاء من عندهِ والثواب، وهذا أعظم ما يتوق له المرء ويطمح إليه. ولا يقوى عليه إلى من آتاه الله فضلا من عنده.

وحينما أعود إلى الحديث عن رجال الأمن، فإنني أود الحديث عن هذا الرجل الذي عرفته من ثلاثين عامًا، منذ أن كان ملازمًا وحتى وصل إلى رتبة عميد، وهو سعادة العميد وليد الحربي، الذي يمتلك روحًا سامية عالية وحبًا للخير، وقد رافقته مرات ومرات ، ولمست ورأيت فيه كل معاني الإنسانية والشفقة والعطاء وسعيهِ دومًا أن يرى كل شخص مبتهجًا سعيدًا، سواءً من يرافقه أو من يلتقي به، كما أنه يمتلكُ قدرة على الأقناع بروح شفافة لم تستخدم الأساليب والحيل ، إلا أنه يتكلم بكل تلقائية وصدق وبالتالي يستطيع أن يقنع من حوله. ، وهذا الأمر يتضح واتضح لنا في هذا الموقف العظيم، والذي يؤكد لنا أن رجل الأمن هو رجل مواقف ورجل تفاعل إنساني، وليس فقط هو ذلك الرجل الذي يقف ليضبط أو يقرر أو يحقق إلى آخر المهام..، ولكنه الرجل الذي يعي أن له أدوارا أخرى أعمق، تتجلى في مثل هذه المواقف.

ونأمل أن تمكن هذه الوقفة المسؤولين من نشر هذه الثقافة بين رجال الأمن، وخاصة في السجون، وفي الشرطة، ليتعرفوا على أدوارهم الأخرى، كأبناء لهذا البلد الذي بني على هذه القيم ، وإدراك أن الشعور الإنساني لابد وأن يرافق كل ساع لإنجاز أي مهمة، وأنه لا يوجد شيء مستحيل أمام قدرة الله وتوفيقة والاصرار والعزيمة والحب والسعي الحثيث إلى حل كل ما بين الناس من إشكالات ليبقى نسيج المجتمع متكاملا مترابطا مضيئة دومًا.

كتبت هذه المقالة على عُجاله،، ولكنني أردتُ نشرها والاستعجال بها لتواكب الحدث.

وفي الختام، أقدم التحية لقيادتنا التي تدعم جريان هذا الأمر الشرعي ، وخدمة المجتمع في نشر ثقافة التوسط والأقناع واستثمار العلاقات الاجتماعية لحل مثل هذه المشكلات، وإتاحة الفرصة لأكثر من حالة كي تصل إلى مثل ما وصلت له هذه الحالة، وأشكر والدنا الذي رجى عفو وربه العم زايد الشديدي وأسأل الله أن يعوضه ماهو خير وأن يجعل صبره على الألم سعادة له ولأسرته في الدنيا والآخرة، وأقدم شكري لرجال الأمن وتقديري وامتناني ومحبتي للعميد وليد، وأبارك لوالد المُعفى عنه الأستاذ الأخ محمد إبراهيم البلوي وهو يستحق كل خير ، وأتمنى أن يبقى مجتمعنا مضيئًا بعيدًا عن التنازع والتشظي.


د. نايف الجهني
بواسطة : الدكتور نايف الجهني
 0  0