قـريحة الـمـطـر
احمد الحميدي
حينما نسمع كلمة "مطر" او أمطار نشعر بالأمل والخير القادم والإحساس بالجمال وشعور الفرح مع سماع نزول القطرات العذبة وروائح عطره الفواح خاصة بعد فراغ الصبر من طول الانتظار، ويدخل علينا فصل الشتاء مع نزول القطر كحبات اللؤلؤ ليغسل القلوب من الشوائب العالقة بها تماما كغسله لاوراق الشجر من الاتربه ليبدأ اخضرارها بالزيادة ويهزها نسيم هواء بارد كنسيم البحر وقت الفجر ..
وكما تعلمون أن المطر عبارة عن بخار ماء البحار يرتفع ليصبح سحابا تسوقه الرياح بامر الرب عزوجل ليتكثف ويسقي بقاعاً من اليابسة ، وكما يقال : لولا إصطدام الغيوم لما انهمر المطر، ولولا احتكاك العقول لما اشتعل الفكر.
كما أن للمطر اضرار اذا اتى غزيزاً ومستمرا في بعض الاحيان لكنه يبقى خيراً يهمس في آذاننا.. بصوت خافت وموسيقي قائلاً : تفاءلوا كما يتفائل العصفور مغرداً بالرغم من ابتلال عشه بالماء.
وللشعر والشعراء الكثير في المطر ووصفه فهنا يقول الراحل بدر شاكر السياب :
كَأَنَّ أَقْوَاسَ السَّحَابِ تَشْرَبُ الغُيُومْ
وَقَطْرَةً فَقَطْرَةً تَذُوبُ في المَطَر
وَكَرْكَرَ الأَطْفَالُ في عَرَائِشِ الكُرُوم
وَدَغْدَغَتْ صَمْتَ العَصَافِيرِ عَلَى الشَّجَر
وايضاً للمخضرم نزار قباني انتماء لحبات المطر كقوله :
لا تقولي : عُدْ إلى الشَّمس .. فإِنِّي أَنتمي الآنَ إلى حِزْبِ المَطَرْ ...
ونحن ايضاً يانزار ننتمي معك لحزب المطر الذي بسببه ينبت الزهر والورد ويبهج الناظرين في رياض البساتين كوصف الشاعر "المشتاق" :
يازهور العشب في غب المطر
يوم علتها مراويـح السحـاب
ياشبيه الورد من بيـن الزهـر
.. نظرتك تجلي عن النفس العذاب
وفي وصف رذاذ المطر يقول البدر:
قلت المطر قالت من الـيوم ديـــمه... ما به رعد لا برق ماغير هـــــــتان
عشق جمع ما بين قـاعٍ وغيمــــه... سيّل علي صدر الثري دمع الامزان
وللشاعر فلاح بن جفران العوني ابيات جميلة يتمنى فيها أن تمطر السماء مطرا غزيرا على ديرة حبيبته وأن يزهى الربيع فيها ويتمنى أن يكتب له الله ما في نفسه :
منهو اللي يخيل البرق ابقعد واخيله هو من الشرق ولا بارقٍ بالشمالي
انعشوني على العمدان حالي نحيله ... ظنً لشفت براقه يربع بحالي
قالوا البرق يبرق بالمزون الثقيله ... وشتبي فيه يفرح فيه راع الحلالي
قلت جعله على ديرة طويل الجديلة ياخذ اسبوع والماء ناقعٍ بالسهالي
ظنٍ يأتي علينا مثل دور الثميله .. .جمع شمولنا والوقت وقتٍ عدالي
- اذاً أبناء الصحراء هم اكثر الناس توجداً على نزول المطر ليروي عطشهم ويفيض قرائحهم الجميلة.
أحمد عبدالعزيز الحميدي
باحث بالتاريخ الإسلامي والأدب العربي