×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
عبدالله بن كريم العطوي

أمريكا وإيران.. مواجهة عض الأصابع!
عبدالله بن كريم العطوي

أمريكا وإيران.. مواجهة عض الأصابع!


قد نكون مبالغين في إطلاق الصرخة الداعية إلى إنقاذ منطقة الخليج العربي من الدمار الشمولي والجماعي , ومن كوابيس الفزع وعوامل التخبط والتعنت وما يرتبط بها من عمليات غسل دماغ , وإعادة ترتيب للقناعات الشعبيّة وتوجيه الناس وفق غرائز ذات غطاء سياسي استراتيجي , ويكفي أن نحدق في ما آلت إليه الظواهر العنيفة وضروب الابتزاز الذي يمارس بحق المنطقة مسلحا بالهداوة الغليظة وقلب الحقائق طبقاً للاستقطابات والولاءات, فأصبح الظالم المعتدي منقذا والناس يتراكضون لنيل رضاه.

ولزاما علينا إعادة نبش أوراق وحقائق مخيفة عن مجمل الخطة التي تمثل استراتيجية الرئيس ترامب والتي لم يكن العدوان على العراق , وسوريا و وليبيا , سِوا جوانب سابقة منها , وهي تسير وفق العديد من النظريات التي صرح بها رؤساء أمريكا السابقين ووزرائهم ومستشاريهم أمثال ( كيسنجر ) , وعلى وقع تمزيق الرئيس ترامب للإتفاق النووي مع إيران وما تبعه من فرض عقوبات تكاد تكون الأشد , قام الرئيس بنفس الوقت بنقل سفارة بلاده إلى القدس وإهداء الجولان لنفوذ اسرائيل متحديا للإرادة العربية ومتنكراً للقرارات الدولية , وهذا الإجراء لم يأت من فراغ لأن الرئيس دلف إلى سدة الحكم في البيت الأبيض مدفوعاً بالأصوات اليهودية , وهو مثقل بالوعود لإسرائيل , ولذلك توجه إلى تأزيم الموقف مع إيران لأنه يعرف أن ورقة إيران الأقوى هو حضورها الإقليمي في العراق , سوريا , لبنان , اليمن , غزة , وهذا الحضور بعينه الذي يريد ترامب الحد منه وتحجيمه ومنعه من الاعتراض على صفقة القرن التي سيعلن عنها بعد نهاية شهر رمضان , وهذا ما جعل الرئيس ترامب يستمر في مساره التصاعدي الضاغط على إيران لإجبارها على قبول التفاوض وفق الشروط (12) التي حددها مسبقاً كأساس لإعادة عملية التفاوض الشاملة , ورغم المؤشرات الصادرة من ترامب بأنه يريد تغيير سلوك النظام الإيراني وليس تغييره , فإن الصقور الجدد من حوله يرون أن الفرصة سانحة لتغيير النظام في إيران وما نراه من تسارع للأحداث في الخليج يجعلنا نعود بالذاكرة إلى الأحداث عام 2003 م عندما كانت تتم بنفس الوتيرة لضرب العراق , فما أشبه اليوم بالأمس.

ورغم أن المؤشرات والتصريحات الصادرة عن الجانب الأمريكي تشير إلى عدم الرغبة في الحرب مع إيران فإنهم يظهرون القدرة والاستعداد لها , وهناك فرق بين الرغبة كاختيار عاطفي , والقدرة كفعل حتمي جبري , وبينما تؤمن أمريكا بالقوة الساحقة من خلال نشر أساطيلها في المنطقة نجد أن الجانب الإيراني يبحث عن صناعة أرضية ( توازن القلق ) والتطور تدريجياً إلى ( توازن ألاذى ) واستثمار الأزمة لتعزيز التلاحم الوطني في وجه الإدارة الأمريكية وتجاوز النقمة الشعبية المتصاعدة داخليا منذ عام 2018 م.

وإيران تدرك جيداً أنه ليس من مصلحة أمريكا القضاء عليها , لأنها أحد أقطاب الحرب الباردة الطائفية في المنطقة والتي توفر العداء معها الشرعية لها ولغيرها , والقلق الذي سببته في المنطقة أمر مربح لأمريكا ويجذب مليارات الخليج نحوها.

وبين قرع طبول الحرب والحديث عن المفاوضات وبما يمكن وصفه بعض الأصابع بين الطرفين وعودة إيران إلى سيرتها الأولى المعتمدة على حرب الناقلات عطفاً على استراتيجيتها المعدة مسبقاً لنشر الدمار والفوضى إقليميا . لنا أن نتساءل هل نحن حقاً أمام قرار أمريكي لاقتلاع الملالي والقضاء على حرسهم الثوري ؟ وهل ذلك مؤشراً حقيقياً على الاستغناء عن الدور الإيراني المزعزع والذي ظل يخدم المصالح الأمريكية في المنطقة لمدة أربعة عقود؟

والجانب الإيراني يظهر من خلال تحركاته على ضوء الأزمة بانه لن يقبل بحالة الموت البطيء الذي يريد الجانب الأمريكي فرضّه عليهم من خلال استمرار حالة ( اللا حرب ) و ( اللا سلم ) , ومن المؤكد أن الجانب الإيراني يملك العديد من الأوراق التي سيستخدمها في هذه الأزمة لخلط كافة الملفات في المنطقة , وفي ظل العبث الإيراني والحشد الذي يقوم به متغطرسو حرب النجوم وفي ظل الشمولية التي يتصف بها فكر واستراتيجية توحيد الظالمين , وتشتيت المستضعفين , فإن هذا النزاع يصب في مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تمثل فيه اسرائيل وإيران قطبي الرحى , ومن المؤلم أن المنطقة تساق إلى معارك حقيقية أو نفسية لا أفق واضح لها.

هذه المواجهة التي تهدد دول الخليج العربي على يد الفئة السادية أكثر ما تكون تماشياً مع الشهوة الإسرائيلية في حدوث حرب عربية إيرانية لتدمير وتفتيت وتمزيق أقطار المنطقة ليكتمل نمو وقيام اسرائيل الكبرى , وبين هذه وتلك فإن العالم في انتظار سماع خبر اللقاء الاول بين الجانبين , أو اندلاع الحرب بوتيرة سريعة كسباً للوقت لإسقاط النظام الإيراني , تحت شعار كفى جداً ما قمتم به , وإن غدٍ لناظره قريب.


عضو مجلس المنطقة
اللواء.م/ عبد الله بن كريم العطيات
بواسطة : عبدالله بن كريم العطوي
 0  0