×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
نايف سعيد العطوي

مكة: القمم الثلاث والخيارات الثلاث
نايف سعيد العطوي

مكة: القمم الثلاث والخيارات الثلاث
دور المملكة العربية السعودية الفاعل والمؤثر في المنطقة ، واستشعارها لعظم مسؤوليتها كمركز ثقل استراتيجي إقليميا ودوليا، وماتمر به منطقتنا من تحديات ومهددات متسارعة لها تأثيراتها السلبية على الأمن العربي والإسلامي، هو ما دعا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لعقد ثلاث قمم في مكة المكرمة ، خليجية وعربية وإسلامية.
تأتي هذه القمم الثلاث الإستثنائية زمانا ومكانا لتناقش وبشكل مختلف عن بقية المؤتمرات والقمم السابقة ملفات عدة أهمها على الإطلاق التهديد الإيراني المستمر للاستقرار الأمني في المنطقة ،وتطويرها لبرنامجها النووي وصواريخها الباليستية، ودعمها للجماعات الإرهابية وفي مقدمتها ميليشيا الحوثي وحزب الله.
وطيشها وتماديها في ارتكاب العديد من الأخطاء الجسيمة والتي كان آخرها محاولة اعتدائها عبر ذراعها( الحوثي) على المنشآت النفطية السعودية، وحماقتها في تخريب السفن التجارية في الفجيرة الإماراتية ، ناهيك عن العديد من تصرفاتها المستفزة والمهددة للأمن والاستقرار في المنطقة.
كما أن دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الدول العربية والإسلامية " بما فيها قطر " إلى هذه القمة تبعث لإيران رسائل كثيرة أبرزها أن الشجعان هم من يملكون قرارات السلم ، ولكنهم أيضا يملكون قرارات الحرب ، وأن المملكة العربية السعودية هي حاضنة العالم الإسلامي وبدعوة من قائدها تجعل إيران وحيدة في قفص مغلق .
أيضا اعتقد أن من يتمتع بشيء من الذكاء السياسي يلتقط رسالة مفادها أننا بعد هذه التجارب عبر عقود من الزمن وصلنا لوعي كاف ٍ ندرك من خلاله أن أمننا الإستراتيجي الدائم هو مهمة الدول ال 57 العربية والاسلامية ، وأن العرب والمسلمون هم وحدهم المعنيون بأمنهم واستقرارهم مع حفاظهم على تحالفاتهم المتوازنة هنا وهناك.
إلا نه يجب علينا أن نعي بأن تحالفنا مع الدول الأخرى سواء الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها، ماهو إلا تحالف مبني على المصالح المشتركة المحكومة بمقتضى العلاقات الدولية ، البعيدة تماما في عرف المصالح الدولية عن أواصر الدم أو الدين أو غيرها مما تتصف به مجتمعات العرب والمسلمين.
وبشفافية أكثر فإن اعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية حليفا استراتيجياً دائماً هو مفهوم خاطئ .
وماعهد الرئيس الأمريكي السابق أوباما ببعيد ، حيث سلم لإيران دولتان عربيتان هما سوريا والعراق مقابل برنامج إيران النووي خدمة لمصالح بلده.
لذلك وبمفهومي المتواضع وبعيدا عن استخدام المصطلحات السياسية والعبارات الدبلوماسية فإنه ليس أمام هذه القمم الثلاث ، سوى خيارات ثلاث لارابع لها . هي :
الأول: ترك إيران تعبث في منطقتنا وتهدد أمننا ، وتلتهم دولا أخرى اضافة للبنان وسوريا واليمن والعراق ، والتوقف تماما عن الدفاع عن مجتمعاتنا ومصالحنا، والاكتفاء بعبارات استنكار الاعتداءات، والحث على حسن الجوار . وهذا خيار مستبعد في ظل رجل مثل الملك سلمان اثبت للعالم أن سياسية الحزم هي منهجه.

الثاني: المقايضة المستمرة للولايات المتحدة الأمريكية المال مقابل الأمن ) .وتحمل كافة التبعات الناتجة عن ذلك. وهذا خيار مستبعد أيضا ويؤكده الرد الشهير لسمو ولي العهد محمد بن سلمان على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر "وكالة بلومبرغ" عندما قال بشكل صريح أن السعودية لن تدفع أي شيء في الوقت الراهن مقابل أمنها.
الثالث: الردع التام للشخصية الثورية للنظام الإيراني المبنية على الفكر الصفوي المهدد لأمن المنطقة منذ عام 1979م.
ولا يكون ذلك إلا باستبعاد لغة الشجب والاستنكار المعتادة في بيانات القمم ، واستخدام لغة مختلفة هذه المرة تعمل على تفعيل كافة الوسائل المتاحة للعالم العربي والإسلامي ( وما أكثرها ) ، أبسطها التحالفات العسكرية الموجودة أصلا ( التحالف العسكري الإسلامي ، قوات درع الجزيرة ، تحالف استعادة الشرعية في اليمن.) والتي لاينقصها سوى التفعيل الحقيقي لها بشكل فوري ودمجها في تحالف واحد يكفل الرد والردع التام لهذا النظام أو حتى لغيره.
باختصار : إن ما يصنع الفارق في هذه القمة ويجعلها تخلق مرحلة مختلفة عما قبل انعقادها، هو مدى قوة المواقف والقرارات التي ستتخذها هذه الدول ، ومدى متابعة جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة المؤتمر الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي لتنفيذ تلك القرارات وتجسيد تلك المواقف على أرض الواقع ، والتي بدورها تعطي المجتمع الدولي فرصا أكبر لاتخاذ قرارات أكثر فاعلية مع هذا النظام.
هذا الخيار هو السبيل الوحيد لتحقيق مفهوم الردع الإستراتيجي الحقيقي الهادف لخفض مستوى التوتر في المنطقة، وتكريس الأمن والاستقرار في هذه البقعة من العالم الساخنة دائمآ.
واجزم ان هذا هو هاجس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ، وما دعوته لهذه القمم في هذا المكان وفي هذا الزمان إلا رغبته حفظه الله في تحقيق ذلك بمشيئة الله.
بواسطة : نايف سعيد العطوي
 0  0