×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
سعود العمراني

أزمة مشاعر!!
سعود العمراني

لا يخفى على أحد أن التقنية الحديثة و خاصة الهواتف الذكية جعلت حياتنا أسهل و أسرع، و لكننا لا نستطيع أن ننكر أنها سلبت أرواحنا و أثرت على مشاعرنا بطريقة لا يمكن لشيء اخر أن يتجاوزها إذا استثنينا الحروب و ويلاتها. هذا التغيير في المشاعر قد نلحظه مباشرة و قد يظهر بعد فترة حين يتغلل في أعماقنا و عقلنا اللاواعي.

هل نشتاق؟! سؤال حقيقي و ليس مزحة!! فنحن نعرف أنه قديماً كان الإنسان يستاق لرؤية محبوبته أو لقاء أصدقائه أو إخوته، أما الان فكيف يشتاق لهم و هو معهم في كل وقت و حين في منصات التواصل الإجتماعي، و ليس لأحد عذر عن قطيعتك أو الغياب عنك، بل إن الواحد منا مطلع على مأكل و مشرب و تحركات كل معارفه بضغطة زر فكيف سيشتاق لهم و لقصصهم التي يراها حتى في منامه!! الغياب يبعث على الشوق و الشوق يدفعنا للبحث عن الناس و اللقاء يطفي لهيب الشوق، أما الان فكل الخلق موجودين و لكن في علبة من المعدن!!!

غياب الإشتياق هذا يدفعنا إلى الرجوع إلى طبيعة الإنسان لأن أغلب الناس يعتقدون أن كلمة إنسان مأخوذة من النسيان و هذا ليس صحيحاً، بل هي مأخوذة من الأنس فهو إجتماعي بطبعه و لكن ما يحصل لنا أننا تحولنا إلى كائنات وحيدة تعيش وهم الأُنس!! نعم فمنصات التواصل الإجتماعي مع مرور الوقت تجعل مستخدمها يتوهم أنه مع المجتمع بينما هو قابع في زاوية خافتة الإضاءة ينتظر إعجاباً أو تعليقاً أو مشاهدة لصورة كوب قهوة احتساه لوحده و قد برد!!! حين يعتبر أحدهم أن شحن بطاريته و سماعة هاتفه أهم من وجود الناس في حياته اليومية فهذا دليل مخيف على تغير طبيعته أو تشوهها، و هذا يفسر الوحشية و التنمر في منصات التواصل و التي تجعلك تتساءل هل هؤلاء بشر و هل يعيشون معنا؟!

تغيير الأجهزة الذكية لحياتنا و طبيعتنا سيظهر قريباً و لكن هل نحن مستعدون له؟! أشك في ذلك، لأن الإنسان بطبعه يبالغ في تقييم قدراته و ذكائه و سيدّعي أنه قادر على التعامل مع هذا التغيير، بينما هو لا يدري أنه يتغير و لله في خلقه شؤون!!
بواسطة : سعود العمراني
 0  0