×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
د ناصر الدسوقي

الشِّعرُ العربي بين الأصالة والحداثة
د ناصر الدسوقي

من مهدنا وسلفنا عرفنا الشعر العربي وقرأناه وتذوقناه وفهمنا بعضه
كنا نتغنى به ، تطرب به آذاننا وتتحرك معه مشاعرنا وأحاسيسنا وتهتز له قلوبنا
درسناه في مراحل التعليم المختلفة
عرفنا الجاهلي منه والعباسي
مرورا بالفترة الوسطى حتى أحمد شوقي وحافظ إبراهيم والعملاق العقاد وغيرهم
وكان الشاعر بإمكانه أن يجيز قرنا من الزمان في بيتٍ من عشر كلمات أو أقل .
عرفنا الأوزان والبحور في الثانوية وما تلاها ،
وما قام به الخليل بن أحمد الفراهيدي لحفظ هذه الأوزان كي يبقى الشعر وأصالته بها
ستة عشر بحرا بتفعيلاتهم ما يجعل شعراء الكوكب يبدعون فيهم إن كانت لديهم الملكة في ذلك .
حيثُ البحـور والقوافي والأوزان , حيثُ موسيقى الشِّعـر .
وعرفنا أيضا الشعر الحر الذي تغير مفهومه حاليا ،
والهرم الشعري يتكون من ثلاثة أضلاع ،
الموضوع والوزن والقافية ،
والشعر الحر تحرر فقط من الوزن حيث لا يرتبط بوزن أو بحر كما في العمودي ،
ثم ظهر لنا شعر التفعيلة في منتصف الستينيات من القرن الماضي ( نازك الملائكة) ليراه البعض تحولا في مجال القصيدة العربية
والتخلي عن الجمودية والتقليدية في الشعر العمودي كقولهم ، وأصبح هذا الصنف مدرسة مستقلة بذاته .
ثم السرد الذي تخلى تماما عن أهم ضلعين في الشعر وهما الوزن والقافية ليعتمد فقط على الموضوع بكلمات مقالية تحكي موضوعا بصورة جمالية .
والكثيرون يرون هذا تحولا كبيرا كما أسلفت ، حيث الحداثة ومواكبة التطور الفكري والثقافي الكبير وعدم التقوقع في مدرسة الكلاسيكية الجمودية المحدودة على حد القول ، وليس تقليلًا من كل هذه الصنوف المستحدثة أو مِمن يكتبونها , فهو صنوفٌ وألوانٌ وأصبحَت أمرًا واقِعًا ,
لكن ــ وجهةُ نظـريَ المُتواضعةُ أن مواكبةَ العصرِ والتطور والتقدم تكون بالفكِر والمضمون لا بالجَوْهَر , لم نرَ الغَربَ يومًا ولن نرهُ يكتُبَ قصيدًة على الكاملِ أو الوافرِأو المُتداركِ أوالبسيطِ أو الرَّجز ,
إذًا الحداثة في المواضيع , ما يتناسبُ مع متغيراتِ العَّصرِ ومُتطلَّباتِ الإثراءِ الفِكريِّ حينها , الذي هو مسئولية الأدباء والكُتَّاب والمُثقَّفِينَ كُلٌّ في مجالِهِ وبأسلوبِه ,
وحقيبةُ المُفرداتِ لَمْ تَنْضَب بَعْد , ولهذا فإنَّ للقصيدةِ بِناءٌ ونَظْم , البناءُ في الفكرة والموضوع واكتمالِهِ تمامًا في قلبِ عقلِ الشاعر , والنَّظْمُ في بحرِها ووزنها وقافِيتِها ومفرداتها ما تصيغُ به فكرتك وموضوعَكَ كما يجِبُ أَنْ يكون الشِّعر .
ولنعلَم بأنَّ الحضارةَ أساسُها القديم , نبنيَ علي القديم ونرتقي به لا أن نهدمه نهائيًّا .
ولا ننسى أو بالأحرى نتناسى تراثنا العربي الأصيل وماضينا الذي إن تمسكنا به مع المواكبة في الموضوعات ومتطلبات العصر الحديث في كيفية صياغة الحاضر بعباءة تراثنا ،
سيكون حاضرنا مزدهر ومستقبلنا مبهر ،
والحضارة هي مزيج من ماض عريق وحاضر يليق ومستقبل بريق ..
بواسطة : د ناصر الدسوقي
 0  0