×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
إيمان حماد الحماد

إلى أين؟ ونحن ما بين وبين
إيمان حماد الحماد

نقضي حياتنا بين شدٍّ وجذب ، وتضيع أيامنا بين كرهٍ وحُب ، وتتجاذبنا الظروف بين سهل وصعب ، ويضيق بنا الحال ، كما يصبح في بعض الأوقات رحب ، نرتاح لمن حولنا إن صدقوا كما يسيؤنا من كذب ، نشعر بهدوء فنطمئن ، ويزعجنا بعده ضجيج وصخب ، ونلهو بالحياة ونحن نعرف أنها بنا تلعب ، وهناك من يخطئ ومن ثم يُصب ، فيما كره وما استحب وما وجب ، فنحياها بكل ظروفها ، كانت معاكسة لنا أو كما المرء طلب ، فمن قضاها باختياره فالعقل في نعمائها منه انسلب ، وهناك من فيها غُصِب ، وظل فيها ينتحب ، ومن قضاها منزوي ، ومن تنقل في الشعب ، وعاش في كل الحقب ، واثقا من نفسه لا يخاف ولا لمجهول يَهَب ، بعضنا أغنته فيها والثراء بها اكتسب ، وبعضنا بالفقر عاشوا حتى رأينا المقتنع وكان فيها من نَهَب ، وفي الحياة توزعت أرزاقنا مابين رأسٍ وذنب ، وفي الحياة تجمعت أرواحنا فمن نحب جعلنا العين مسكنه ويحميه الهدب ، ومن نوينا هجره فبالهجير مكانه ، ونصابه منها القشب ، في كل يوم امتحان فمن توفق اقترب ، ومن على أعقابه فيها انقلب ، وحتى ننجو من براثنها لابد أن نراعي تقلباتها وننظر لها عن كثب ، ونُقِّرُ بأن كل ما فيها سبب ، وما كان فيها وإن نسيناه كُتِب ، فيها تجارة لن تبور وفي تجارتها ذهب ، من خسر فيها انزوى ثم هبَّ لينسحب ، ومن ربح فيها ارتوى ونوى الزيادة فاكتتب ، ومن فهمها سار فيها منطرب ، ثم أنسته التعب ، ومن جهلها صار فيها مكتئب ، ثم أسمعها العتب ، وهذا حال المذنبين فكلما أنهوا أعادوا ذنبا لهم يتلوه ذنب ، لكن منا الصالحون وما جنوا بالخير خيرا إلا ورادفه وجب ، كحال كل مؤملٍ يرنو لشهر الصوم ، إن هلّ رجب ... .
سلكت بها طريقي ، وما أطوله إن بالمسافات انحسب ، وما أثقله لما عجزنا وما ظنناه انسحب ، وما أجمله إذ للنجاحات انجذب ، مشيت وتعثرت ، وقفت ثم سقطت ، فعلت ثم ندمت ، حلمت ثم أفقت ، وصارعت وغلبت ، ثم على حين غرة منها غُلِبت ، تصادمت بمطبٍ إثر مطب ، جرحتني كثيرا ، وبعض جروحها يشفى ، وكيف أحصي ما انعطب ، وكيف أنسى ما التهب ، وأحزنتني مرارا ، وبعض أحزانها علمتني ، والكثير منها دما من عيني سكب ، فاجأتني بالكثير حتى رأيت بها العجب ، وأجبرتني كارهة حتى تجاوزت الأدب ، وليتني لما فعلت قضيت أمري والأرب ، وأشبعتني بالهموم وما دريت عن السبب ، وحاصرتني بالجبال حتى غدوت كما الحطب ، وقيدتني بالحبال فإن بَعُدتُ ستقترب ، وأغرقتني بالدموع حتى ملأت بها القِرَب ، وأقعدتني إن وقفت فالظهر من حَمْلي انحدب ، رأيت منها ما رأيت ، وما استطعت لما انحجب ، صفت السماء حتى استَقَلَّتْها السُحُب ، فأثقلتها بالغيوم وأحرقتها بالشهب ، وأنا الضعيفة وسط كل المهلكات بلا أم وأب ، فما الحياة بلا استقامة ، والمستقيم بها انقلب ، وما النجاة بلا سلامة ، لما السليم بها انخرب ، وما الصواب وما الخطأ ، وما ملكناه انسلب ، وما جمعناه انتهب ، وما حفظناه كلاما كي يردد بالخطب ، وفي الفعال حقيقة كلٌ لمصلحةٍ طلب ، فحظُّنا فيها قليل ، وسعيدها من كان بالخلق ارتقى لا باللقب ، وفي خصال الخير حاضر لم يغب ...
فهل أُلام على التجاوز يا عرب ، فالشمس لا تشرق إلا إذا قمرٌ غرب ، وكل ساقٍ إن سقى مُرا لسقياه شرب ، تبا لها هذي الحياة ثم تبت ألف تب ، فكل من فيها ملاقٍ ما جناه وما كسب ، نار تضيئ بضوئها وإن بَرِدْنا نقترب ، والنار تحرق نفسها إن فنى فيها الحطب ، وأنا المعذبة التي أحرقت نفسي باللهب ، مابين نارٍ ثم نارٍ أنجو بنفسي أو أطُب ..
يارب فاخدم غفلتي ، يارب واغفر زلتي ، يارب طهر صفحتي ، فأنت للغفران رب .. .
بواسطة : إيمان حماد الحماد
 0  0