×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون

الزيارات والجيران 2/1
عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون

من الأمور التي يجب أن نوليها اهتمامنا هو ترابط الجيران مع بعضهم البعض، ومعرفة حقوقهم، ولم تكن الوصية الخالدة التي أوصى بها جبريل عليه السلام نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، بالجار وصية كباقي الوصايا، بل زادت أهميتها بتلك الصيغة التي عقب فيها المصطفى، صلى الله عليه وسلم، بقوله: (حتى ظننت أنه سيورّثه).
والمتأمل في أحوال الجيران في هذا الزمان، إلا من رحم الله، يجد الفرق الكبير بين حالهم وحال الجيران في السابق قبل سنوات ليست بالبعيدة، وما كانوا عليه من تكاتف وتكافل ومحبة ووئام، فقد عشنا عمق علاقات الجيران ببعضهم وحسن مودتهم، وبالإمكان بإذن الله أن نعيد ذلك ونحييه بصورة تعيد للحي بهجته وحميميته.
وحضور المصلين إلى المسجد في كل وقت فريضة، وإلقاء التحية على بعضهم، مع الأحاديث القصيرة يجعل بينهم نوع من الألفة، ومما يزيد ذلك ويمده بالحيوية، هو القيام بزيارات فيما بينهم في منازلهم، فيكون الوقت متسعا لأحاديث أطول بالإضافة إلى لقاء أهل الحي، وتكون هذه الزيارات دورية في كل أسبوع، أو كل شهر، وفي يوم محدد في بيت أحد جماعة المسجد، بحيث تتم الزيارة لجميع منازل الحي المشاركة، فيكون بذلك تطييب للنفوس، وتقدير للجميع، وإضفاء السرور والبهجة على أهل البيوت، وكذلك إحساس أهل المنزل بمكانة عائلهم عند جماعة المسجد وأهل الحي وتقديرهم له.
وكذلك تعريف للأبناء بجيرانهم، وهذا له آثاره النفسية الحسنة التي تنعكس وبصورة إيجابية يمكن أن تُلمس آثارها على المدى القريب جداً، فهذه الزيارات يدفع إليها حب الخير والمثوبة من الله رب العالمين، وابتغاء نيل محبته حيث قال عز من قائل في الحديث القدسي: (وجبت محبتي للمتحابين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمتزاورين فيَّ، والمتباذلين فيَّ). رواه مالك
والزيارات بين الجيران رسالة سامية، ومظهر اجتماعي يبشر بالخير ويخطو بالمجتمع خطوات راسخة إلى العلو والسمو، حيث تتآلف القلوب، ويحب كل واحد منهم لأخيه ما يحبه لنفسه، وهذا من كمال الإيمان الذي حث عليه ديننا الحنيف.
فالتحولات الجديدة التي طرأت على المجتمعات والتغيرات الكبيرة في أساليب الحياة الحديثة قد أحدثت نقلات كبيرة في السلوك بين الناس، سواء كانوا جيرانا أو أقرباء، وأشغلهم التسارع في أمور الحياة عن ملاحظة الكثير من الأمور المهمة والملزمة، فالتسابق في مضمار الماديات أصبح يُنسي المرء أهله، ومن تناسى أهله فجاره بالقطيعة أولى عنده من الرحم، لذا يجب أخذ الأمور بروية وهدوء، ووضع الحلول لمعالجة أثر هذه المستجدات بأساليب طيبة حسنة تؤلف القلوب، وتقربها من بعضها البعض، وتعيد لحمتها.
image
بواسطة : عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون
 0  0