×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون

الحق أنطقها وأخرسه
عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون

الخليفة المأمون هو عبد الله المأمون بن هارون الرشيد، من أعاظم خلفاء بني العباس وعلمائهم وحكمائهم كان وافر الخلق، عظيم الحلم، محباً للعلم، مؤثراً للحكمة توفى سنة 218هـ. قـال السيباني: جلس المأمون يوماً للمظالم، فكان آخر من تقدم إليه وقد هم بالقيام امراة عليها هيئة السفر، عليها ثياب رثة. فوقفت بين يديه وقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
فنظر المأمون إلى يحيى بن أكثم، فقال لها يحيى: وعليك السلام يا أمة الله، تكلمي في حاجتك؛ فقالت:
يا خير منتصف يهدى له الرشد
ويا إماما به قد أشرق البلد
تشكو إليك عميد القوم أرملة
عدا عليها فلم يترك لها سبد
وابتز مني ضياعي بعد منعتها
ظلما وفرق مني الأهل والولد
فأطرق المأمون حيناً، ثم رفع رأسه إليها، وهو يقول:
في دون ما قلت زال الصبر والجلد
عني وقرّح مني القلب والكبد
هذا أوان صلاة العصر فانصرفي
وأحضر الخصم في اليوم الذي أعد
والمجلس السبت إن يقض الجلوس لنا
ننصفك منه ؛ وإلا المجلس الأحد
فلما كان يوم الأحد جلس، فكان أول من تقدم إليه تلك المرأة، فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
فقال: وعليك السلام، أين الخصم...؟
فقالت: الواقف على رأسك يا أمير المؤمنين، وأومأت إلى العباس ابنه.
فقال: يا أحمد بن أبي خالد، خذ بيده فأجلسه معها مجلس الخصوم، فجعل كلامها يعلو كلام العباس، فقال لها أحمد بن أبي خالد: يا أمة الله ؛ إنك بين يدي أمير المؤمنين، وإنك تكلمين الأمير، فاخفضي من صوتك.
فقال المأمون: دعها يا أحمد، فإن الحق أنطقها وأخرسه.
ثم قضى لها برد ضيعتها إليها، وأمر بالكتاب لها إلى العامل ببلدها أن يوغر لها ضيعتها ويحسن معاونتها، وأمر لها بنفقة.
image
بواسطة : عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون
 0  0