×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
هـيــلــة البـــغـدادي

ميز حياتك بالسريه
هـيــلــة البـــغـدادي

الحسد طبيعة بشرية، والنفوس المريضة والعقول المعلولة تمرض إذا رأت النعم في أيدي الناس، فلا تكن كتابًا مفتوحًا متاحًا للجميع، أخفِ بعض أسرارك،، فاستتر وحافظ على بيتكم وأبنائك وحياتك الخاصة من العين والحسد، وارحم قلوب الفقراء الضعيفة من الحسرة والندامة.
لاشك أن لكل إنسان جانبا من حياته ووقته ويومياته يحب أن يتشاركها مع أصدقائه وأقرب الناس إليه من الذين يشعر بالراحة والاطمئنان إليهم، سواء كانت تتعلق بلحظات الفرح والنجاح أو الحزن والفشل وغيرها وهذا أمر طبيعي لأن الإنسان بطبعه اجتماعي ويحب أن يظهر تلك المشاعر للغير. ولكن مع اقتحام مواقع التواصل الاجتماعي حياتنا، أصبح مستخدموها يشاركون جزءً من حياتهم على هذه المواقع، بل تطور الأمر إلى أن أصبح البعض يعيش في العالم الافتراضي؛ يستيقظ على نقل مباشر من على فراشه إلى إفطاره وخروجه من البيت إلى العمل ويومياته في مقر وظيفته وحركته اليومية في الشارع..باختصار يومياته من الاستيقاظ إلى النوم.
قد يبدو كل شيء مسل، لكن ماذا أبقى من خصوصية لحياته التي يفترض أن يكون جانب منها مغلقا بباب ونوافذ حتى لا يدخلها من يفسدها ويعبث فيها..ثم الأمر الذي يجعلنا في حيرة من هذا كله هو أن يكون هذا الشخص سواء مشهورا أو إنسانا عاديا يقوم بنقل حياته للعام والخاص، أي للعشرات والمئات بل حتى للملايين أغلبهم من أصحاب الصفحات الوهمية التي لا تعرف هوية أصحابها، فتبدأ التعليقات من كل صوب وحدب وتنهال إما بالمجاملات أو بالإساءات، فيجد نفسه في متاهة كان في غنى عنها لو أدرك كيف يتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي وكيف يستخدمها.
ان السوشل ميديا لمشاركة الأفكار ليست لنشر خصوصيات حياة مرتاديها
قد يظن البعض أن هناك مبالغة في انتقاد أولئك الذين جعلوا حياتهم مفتوحة للجميع على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن، ماذا يستفيد مستخدمو مواقع التواصل من فتح مباشر لنقل تفاصيل شخصية لا تعني أي أحد؟ هو إلهاء للغير وقد يدخل في بعض الأحيان في إطار التباهي غير المرغوب فيه، بل قد يكون مؤذيا للبعض ومدعاة للحسد والغيرة، لابد أن ندرك أن مواقع التواصل الاجتماعي وجدت لمشاركة الخبرات والأفكار ولحظات من حياتنا التي نحب أن نتقاسمها مع الغير، نرجو منها أن تكون مصدر فائدة للجميع، لكن أن يتم نشر تفاصيل عن حياة الإنسان، هذا أمر لا نفع فيه، بل لاشك من أنه سيعود بالضرر على صاحبه.
قد لا يحسب كثيرون نتائج نشرهم لمعلومات عن حياتهم وتفاصيل يومياتهم في الفضاء الافتراضي المفتوح على العالم، معتقدين أنهم يقومون بعمل مسل لا يعود عليهم بأي سوء أو مشاكل، بل على العكس من ذلك تماما، لكن الأمر أخطر بكثير من مسألة تسلية، فهناك متربصون يرصدون كثيرا من الصفحات والحسابات على السوشل ميديا ويسجلون تفاصيل عنهم والتخطيط لارتكاب عمليات إجرامية ضدهم، فمن كان يظن أن عمليات اختطاف في أمريكا تحدث عقب تتبع لحسابات السوشل ميديا وعمليات اختلاس وسرقة واقتحام لبيوت باتت تتم من خلال عمليات رصد ليوميات تلك الحسابات.
كان يمكن تفادي الوقوع في هذه المتاهات لو أحسنا استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بما فيه مصلحة لمستخدميه ورواده، لكن سوء استخدامها أوقع البعض في مشاكل كبيرة، لذلك المطلوب من مستخدمي الفضاء الافتراضي المزيد من الوعي والانتباه والحذر من مشاركة الخصوصيات والاكتفاء بنشر أفكار وإبقاء مسافة أمان بين العالم الافتراضي والعالم الحقيقي حتى لا نكون في موضع الضحية والفريسة السهلة لعصابات منصات التواصل الاجتماعي
قديمًا قبل وسائل التواصل الاجتماعي عاش الناس حياتهم أكثر سعادة واستقرارًا من اليوم، بل كانت الخصوصية عنوانًا لحياتهم ومناسباتهم، وبما أننا في أيام عيد وفرح وسرور لا تعروا أنفسكم، بمعنى آخر اجعلوا مناسباتكم وافراحكم بينكم البين ولا تصورها وتنشروها ليشاهدها عامة الناس في مواقع التواصل..
فعندما تكون جالسًا على البحر أو البر أو في منتزة أو في حديقة عامة مع العائلة، أو اشتريت سيارة جديدة، أو منزلًا جديًدا، أو اشتريت ملابس العيد لأولادك، أو كنت في مناسبة عائلية خاصة، أو ماذا أكلت وشربت، أو في سفرك وترحالك للتنزه والترفيه.
لا يعلم أنك تعري نفسك وعائلتك ومناسبتك وتكشفها للآخرين
قد يأتي شخص يقول: أن الله يحب أن يرى أثر نعمه على عبده، نعم يجب أن يراها لكن بالعطاء لا بالتباهي أمام الجميع، فليس هناك أسمى من أفراح ومناسبات جميلة وحياة زوجيه وأسرية مغلفة بالسرية وتفاصيلها الدقيقة الخاصة، فروعتها بأنها كتاب مغلق لا يعيشها إلا أصحابها فقط.١
بواسطة : هـيــلــة البـــغـدادي
 0  0