السادس من أكتوبر نصر وتاريخ
د ناصر الدسوقي
خمسون عامًا مرت على حرب السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣ ميلادي العاشر من رمضان للعام ١٣٩٣ هجري.
كان هو يومُ الحسمِ وأول خُطوةٍ نحو استرداد أرض سيناء .
لم تكن تلك الحرب هي أول حربٍ تخوضها مصرَ ، بل أمضت مصرَ عقودًا في الحروب وتعاني من ويلاتِها ،بداية بعام ١٩٤٨ م حيث الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين ، ثم العدوان الثلاثي عام ١٩٥٦م ( إنجلترا وفرنسا وإسرائيل ) ولقوا هزيمةً نكراء لقَّنهم الشعبُ المصريُّ حينها درسًا قاسيًا ، ثم حرب ١٩٦٧م ، التي أسماها الشعب المصري بالنكسةِ نظرًا لأن الجيش المصري لم يحارب فعليًّا فيها ، بل كانت على غِرَّة ،
ثم حرب الإستنزاف التي استمرت طيلة سِتِّ سنوات متتاليةٌ .
حتى جاء قرار الحرب يوم السادس من أكتوبر ،
ولم يكن قرارَ الحربِ مَحْضَ الصُّدفَةِ أبدًا ، بل كانت هناك دراسات استغرقت عدة أعوام ،
لأن الأمرَ مُتعلق بعبور ممر مائي وكان لا بُدَّ مِن دراسة حالة المياه بقناة السويس على مدار العام وأيضّا دراسة حالة الجو للبحرين الأبيض والأحمر وحركة المد والجزر بهما حيث الأسطول البحري المصري بما يتلاءم مع خُطة وتكتيك الحرب .
الجميعُ مُوقن أن الجيش المصري لن يحارب ، كيف وقياداته يقيمون له الحفلات على الجبهة ، وكل أسبوع تُحشدُ القوات على الفتاة بطول خط الجبهة ثم تعود لتمركزاتها كأن شيئًا لم يكن ،
حينها أدرك الجانب الإسرائيلي أن مِصرَ لن تحاربَ ولو بعد عشرين عاما ،
لكن بعد تلك الدراساتِ سالفةِ الذكرِ كان قرار الحرب الغريب بالنسبة للعالم كله .
جاءت الأوامر بإفطار القوات رغم أن البعض أصر على صيامِه ، وحُشِدَت القوات على طول القناة وفي تمام الساعة الثانية ظُهرًا قامت مئتين واثنين وعشرين طائرة حربية مصرية بالإقلاع من المطارات الحربية المصرية لتعبر القناة للجانب الشرقي ،
وكانت الأوامر أنه بعد رجوع آخر طائرة مصرية تبدأ قوات المُشاة في العبور باستخدام الزوارق المطاطية تحت غطاء ناري من ثلاثة آلاف ومئتي مدفع مصري على طول القناة ،
لكن جنودنا البواسل بمجرد أن رأوا الطائرات تعبر نحو الشرق علا هتافهم ( الله أكبر / الله أكبر ) واستقلوا قواربهم وعبروا القناة ،
ليست مجرد حرب لاسترداد الأرض المحتلة ( أرض الفيروز )، بل تكتيك ما زال يدرس في الجامعات والمعاهد العسكرية على مستوى العالم حتى الآن وسيبقى كونه غير مفاهيم الحروب ،
الحروب عامة تبدأ مع أول ضوء ، أي بعد الفجر بقليل ، لكن أن تبدأ حرب منتصف النهار فهذا أمرٌ لم يحدث من قبل ،
كانت الدراسات العالمية تقول أن القوات المصرية لن تتمكن من عبور القناة ، أولا لوجود مضخات النابلم الذي سيجعل القناة كتلة لهب حال فُتحت تلك المضخات من الجانب الإسرائيلي ، ثم الساتر الترابي الذي يبلغ ارتفاعه عشرون مترا بعرض اثنى عشر مترا ،ثم مرحلتي خط بارليف الشديدة التحصين ،
لكن نسوا أن إرادة المصري وعزيمته يتكسر أمامها كل شئ ،
ونسوا قول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حينما قال لسيدنا عمرو بن العاص" إذا بلغتم مصر فخذوا منها جندا كثيفا ، فإنهم خير أجناد الأرض " .
وأراهم لم يلتفتوا لمقولة هتلر ( لو أني أملك جنودا مصريين بسلاح ألماني لغزوت العالم ).
وأظنهم لم يقرأوا التاريخ جيدا ليعلموا مَن هو المصري ،
كانت هذه الحرب هي الفاجعة الكبري حيث نهاية الجيش الذي لا يُقهر كما كانوا يسمون أنفسهم حينها ،
كبًَد الجيش المصري حينها العدو خسائر فادحة ، في حين أن قواتنا الجوية كانت خسائرها من الطائرات نحو اثنين ونصف من المائة على غير المتوقع .
وكان وقف إطلاق النار حيث تم تجد إسرائيل بديلا سواه ، درس في التخطيط والتكتيك وتبوغرافيا الميدان ، ودرس في التوقيت والتنفيذ ، وتاريخ يُسطر ليبقى ما بقيت الدنيا ،
وأجزم أن أي دولة أخرى تمضي خمسا وثلاثون عاما في حروب لن تقوم لها قائمة ،
لكن مصر بإرادة ربها وسواعد أبنائها كانت وستظل هي أم الدنيا وقلب العروبة ومنارة العلم والعلوم ،وليكون جيشها من أقوى عشر جيوش على مستوى العالم ، كيف لا وقد ذكرها الله في القران الكريم خمس مرات اسما وثمانين مرة وصفا ،
حفظك الله كنانة ربي في أرضه ،
فمصر ليست وطنا نعيش فيه ،
بل وطنا يعيش فينا ،
.....
أنا العربيُّ في وَصفِي اسمي مِصر
صلبٌ عودي من مهدي ضد الكسر
أتيتُ اللوحَ في ذِكرٍ لأوطاني
وجدتُ بأني في لوحي نَظمتُ الشٌِعر
شعر ناصر الدسوقي
والدرس والعبرة لا يأتي من أي أحد ، حتى جولدمائير رئيسة وزراء إسرائيل في مقابلة تليفزيونية على التليفزيون الإسرائيليسُؤلت ما هو اليوم الأسود في حياة إسرائيل ؟ ، أجابت هو يوم السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣م ، وبعده يوم أن يُولد فتى عربيا ويكون مصريا ،
سألها مقدم الحلقة ولماذا ؟٠ أجابت لأنه سيكبر ويصير جنديا ، فعندنا يدخل الجندي الحرب وهو يخشى الموت ، أما الجندي المصري فعقيدته ( النصر أو الشهادة ).
حفظك الله يا مصر وأبقاك بعزة وشموخ ،
كل عام ومصر الكنانة والعالم العربي بخير ..
كان هو يومُ الحسمِ وأول خُطوةٍ نحو استرداد أرض سيناء .
لم تكن تلك الحرب هي أول حربٍ تخوضها مصرَ ، بل أمضت مصرَ عقودًا في الحروب وتعاني من ويلاتِها ،بداية بعام ١٩٤٨ م حيث الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين ، ثم العدوان الثلاثي عام ١٩٥٦م ( إنجلترا وفرنسا وإسرائيل ) ولقوا هزيمةً نكراء لقَّنهم الشعبُ المصريُّ حينها درسًا قاسيًا ، ثم حرب ١٩٦٧م ، التي أسماها الشعب المصري بالنكسةِ نظرًا لأن الجيش المصري لم يحارب فعليًّا فيها ، بل كانت على غِرَّة ،
ثم حرب الإستنزاف التي استمرت طيلة سِتِّ سنوات متتاليةٌ .
حتى جاء قرار الحرب يوم السادس من أكتوبر ،
ولم يكن قرارَ الحربِ مَحْضَ الصُّدفَةِ أبدًا ، بل كانت هناك دراسات استغرقت عدة أعوام ،
لأن الأمرَ مُتعلق بعبور ممر مائي وكان لا بُدَّ مِن دراسة حالة المياه بقناة السويس على مدار العام وأيضّا دراسة حالة الجو للبحرين الأبيض والأحمر وحركة المد والجزر بهما حيث الأسطول البحري المصري بما يتلاءم مع خُطة وتكتيك الحرب .
الجميعُ مُوقن أن الجيش المصري لن يحارب ، كيف وقياداته يقيمون له الحفلات على الجبهة ، وكل أسبوع تُحشدُ القوات على الفتاة بطول خط الجبهة ثم تعود لتمركزاتها كأن شيئًا لم يكن ،
حينها أدرك الجانب الإسرائيلي أن مِصرَ لن تحاربَ ولو بعد عشرين عاما ،
لكن بعد تلك الدراساتِ سالفةِ الذكرِ كان قرار الحرب الغريب بالنسبة للعالم كله .
جاءت الأوامر بإفطار القوات رغم أن البعض أصر على صيامِه ، وحُشِدَت القوات على طول القناة وفي تمام الساعة الثانية ظُهرًا قامت مئتين واثنين وعشرين طائرة حربية مصرية بالإقلاع من المطارات الحربية المصرية لتعبر القناة للجانب الشرقي ،
وكانت الأوامر أنه بعد رجوع آخر طائرة مصرية تبدأ قوات المُشاة في العبور باستخدام الزوارق المطاطية تحت غطاء ناري من ثلاثة آلاف ومئتي مدفع مصري على طول القناة ،
لكن جنودنا البواسل بمجرد أن رأوا الطائرات تعبر نحو الشرق علا هتافهم ( الله أكبر / الله أكبر ) واستقلوا قواربهم وعبروا القناة ،
ليست مجرد حرب لاسترداد الأرض المحتلة ( أرض الفيروز )، بل تكتيك ما زال يدرس في الجامعات والمعاهد العسكرية على مستوى العالم حتى الآن وسيبقى كونه غير مفاهيم الحروب ،
الحروب عامة تبدأ مع أول ضوء ، أي بعد الفجر بقليل ، لكن أن تبدأ حرب منتصف النهار فهذا أمرٌ لم يحدث من قبل ،
كانت الدراسات العالمية تقول أن القوات المصرية لن تتمكن من عبور القناة ، أولا لوجود مضخات النابلم الذي سيجعل القناة كتلة لهب حال فُتحت تلك المضخات من الجانب الإسرائيلي ، ثم الساتر الترابي الذي يبلغ ارتفاعه عشرون مترا بعرض اثنى عشر مترا ،ثم مرحلتي خط بارليف الشديدة التحصين ،
لكن نسوا أن إرادة المصري وعزيمته يتكسر أمامها كل شئ ،
ونسوا قول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حينما قال لسيدنا عمرو بن العاص" إذا بلغتم مصر فخذوا منها جندا كثيفا ، فإنهم خير أجناد الأرض " .
وأراهم لم يلتفتوا لمقولة هتلر ( لو أني أملك جنودا مصريين بسلاح ألماني لغزوت العالم ).
وأظنهم لم يقرأوا التاريخ جيدا ليعلموا مَن هو المصري ،
كانت هذه الحرب هي الفاجعة الكبري حيث نهاية الجيش الذي لا يُقهر كما كانوا يسمون أنفسهم حينها ،
كبًَد الجيش المصري حينها العدو خسائر فادحة ، في حين أن قواتنا الجوية كانت خسائرها من الطائرات نحو اثنين ونصف من المائة على غير المتوقع .
وكان وقف إطلاق النار حيث تم تجد إسرائيل بديلا سواه ، درس في التخطيط والتكتيك وتبوغرافيا الميدان ، ودرس في التوقيت والتنفيذ ، وتاريخ يُسطر ليبقى ما بقيت الدنيا ،
وأجزم أن أي دولة أخرى تمضي خمسا وثلاثون عاما في حروب لن تقوم لها قائمة ،
لكن مصر بإرادة ربها وسواعد أبنائها كانت وستظل هي أم الدنيا وقلب العروبة ومنارة العلم والعلوم ،وليكون جيشها من أقوى عشر جيوش على مستوى العالم ، كيف لا وقد ذكرها الله في القران الكريم خمس مرات اسما وثمانين مرة وصفا ،
حفظك الله كنانة ربي في أرضه ،
فمصر ليست وطنا نعيش فيه ،
بل وطنا يعيش فينا ،
.....
أنا العربيُّ في وَصفِي اسمي مِصر
صلبٌ عودي من مهدي ضد الكسر
أتيتُ اللوحَ في ذِكرٍ لأوطاني
وجدتُ بأني في لوحي نَظمتُ الشٌِعر
شعر ناصر الدسوقي
والدرس والعبرة لا يأتي من أي أحد ، حتى جولدمائير رئيسة وزراء إسرائيل في مقابلة تليفزيونية على التليفزيون الإسرائيليسُؤلت ما هو اليوم الأسود في حياة إسرائيل ؟ ، أجابت هو يوم السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣م ، وبعده يوم أن يُولد فتى عربيا ويكون مصريا ،
سألها مقدم الحلقة ولماذا ؟٠ أجابت لأنه سيكبر ويصير جنديا ، فعندنا يدخل الجندي الحرب وهو يخشى الموت ، أما الجندي المصري فعقيدته ( النصر أو الشهادة ).
حفظك الله يا مصر وأبقاك بعزة وشموخ ،
كل عام ومصر الكنانة والعالم العربي بخير ..