×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
إيمان حماد الحماد

من جدَّ .... ماذا وجد ؟؟
إيمان حماد الحماد


في بداية كل عام نجد أن كل شخص يضع لنفسه هدفاً أسمى ، أو عدة أهداف وإن كانت أدنى ، ونراه تلقائياً ودون أن يشعر يسلك الطرق التي توصله لتحقيق أهدافه ، ويبذل في سبيلها كل ما يستطيع ، وأحياناً ما لا يستطيع ؛ إن كانت الغاية تستحق فالوسيلة تهون ، فهو حريص على نيلها ، ولها سيظل بحراك دائم لا سكون ، ويقين ثابت أنه سيصل ولا تساوره الظنون ، وقد يحرم نفسه من ملذات الحياة مقابلها ، ليس من باب الجنون ، وإن كان جنوناً ، فللجنون فنون ، ويحكم بنفسه على أفعاله قبل أن يفعلها ، وهو برقابة ذاته مفتون ، ويحسب خطواته قبل أن يخطوها ، فإن خطاها أصبح بها مرهون ، ويفكر بأقواله قبل أن يتلوها ، فإن قالها صارت عليه بالظاهر والمضمون ، وكأن أهدافه سجنه المفضل ، وهو باختياره يظل بها مسجون ... .
ولن يطلق سراحه منها ، إلا إن حلّ قيودها ، وحقق شروطها ، وسار وفق بنودها ، وشرع في تحقيقها ، وعمد إلى تدقيقها ، وتأكد من توثيقها ، ولاح في سماه بريقها ، وكتب اسمه ضمن فريقها ، وشع نوره في طريقها ، وصار طليقها بعد أن كان غريقها ... .
وحينها يشعر أنه مقبل على حياة مختلفة ، بكل ما فيها ، فقد أصبحت معترفة بكونه فيها ، ومنكشفة لرؤيته معظم نواحيها ، ومؤتلفة بطموحها معه ليبنيها ... .
فبعد أن كان يأخذ ، نراه اليوم يمنح ... ، وبعد أن عاش يدرس ، أصبح الان يشرح ، وبعد أن ذاق الشقاء ، آن الأوان ليفرح ، وبعد أن بذر البذور ، حان يوم الحصاد وأصبح ، وصار صوت أذانه في الفجر يصدح ... .
فجهده لشهور مضت بعد أيام سيثمر ، وسعيه الذي سعاه سيظهر ، وزرعه الذي سقاه سيزهر ، وبحجم عطائه وامتداده ، وبقدر بلائه واستعداده سيكون سعده بانتهائه ، وحسب حرصه واهتمامه ، سيكون جنيه و ارتوائه ، وأجر صبره واحتماله ، سيكون فخرا بارتداده ، ويصبح له ذخرا في بقائه وامتداده ، وسلاحاً يبقى رفيقا في جهاده ، وسينظر ليوم نجاحه ، كيوم ميلاده ، وكأن حياته ديناً واليوم وقت سداده ... .
ولا يكون ذلك إلا لمن جد واجتهد ، وخطط واستعدّ ، وقوته من هدفه استمد ، وعزيمته حسب رغبته تُعَدّ ، فتصبح همتّه عالية دون حد ، وقدرته لا مجال لأن تُصد ، وسطوته بالعلم كيف لها تُرد ، وتطلعاته ستعلو به دون بُد ، وتريحه من الشقا والكد ، وتبني بينه وبين العثرات سد ، فقد عاش أمسه يفكر بالغد ، وأنقذ نفسه من أن يُصعِّر خدّ ، فاستحق عرسه والعروس المجد ... .
فلا تسل ، من اجتهد بما وُعِد ، ومن جَدّ عما وجد ... .
فما قدمه لا تعتبر تضحيات ، كما يظن البعض ، بل هي ثمنٌ بخس لسلعة لا تقدَّر بثمن .
وما يرى أنها تنازلات ، ليست بشيء أمام ما سيجنيه من راحة ، جني يديه دون شخصٍ قد يمُنّ ...
وإن طالت أيام السهر بحسابه ، سينساها مع اللحظة التي سيقف بها النجاح ببابه ...
وإن ملأت أوهام الكدر سحابه ، سيمحوها خبر نجاحه ، وستكف عن النباح كلابه ... .
وإن ضاقت الدنيا بنظر صحابه ، ستتسع بهم وتحتويهم كما تحتوي المرء ثيابه ..
وإن ضاعت أوقاتهم بين الكتب ، سيرجع العاقل فضل نجاحه لما احتواه كتابه ... .
هي أوقات قليلة ، وستمر ...
ولحظات وإن كانت مرّة ، فمرُّها لا يضر ..
وشقاء وإن طال ، إلا أن النتيجة حتما ستسر ... .
فافعل كل ما بوسعك ، ولا تدخّر جهدا ، فالفعل للجزاء يجر ...
سمعناها كثيرا ، ورددناها ، وكانت الحكمة بالحقيقة تُقِر ... .
بأن من جد وجد ...
وأن من يزرع حصد ...
وأن من يحلم يُرِد ...
وأن من يرغب يكُد ...
وأن من ينجح سَعِد ...

وهاهم أبناؤنا ...
كلهم يناضل في سبيل بقائنا ...
و بعلمهم صاروا مشاعل بها تضاء دروبنا ...
كالشمس تشرق بجهدهم فلا تريد غروبنا ..
هم عماد المستقبل ، بهم ننهي حروبنا ...
وهم أساس البناء ، بعزمهم نستردُّ حقوقنا ...
فيحق لهم الثناء ، بهم البقاء ، وهم لظامئنا ارتواء ، ولضائعنا اهتداء ، ولجائعنا الغذاء ، ولمحتاجنا عطاء ، من كساء أو غطاء أو دواء ، ولهم مع الفخر التقاء ، فموعدنا وموعدهم سواء ، سنلتقي وبالقمة اللقاء ...
وحتى يحين لقاءنا ، سأترككم لتستعدوا للقاء ، فالاختبار وإن بدا لكم ابتلاء ، فهو السبيل إلى اكتفاء واغتناء ، فامنحوه ما يليقه من رعاية واعتناء ، واستغلوا ما مُنِحتم من ذكاء ، ولن أطيل أحبتي ، فإلى اللقاء ...

بواسطة : إيمان حماد الحماد
 0  0