×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
إيمان حماد الحماد

استراحة محارب
إيمان حماد الحماد

وهانحن ذا ومنذ أن انطلقت صافرة البداية ، ونحن نبحث عن أفضل الطرق التي توصلنا إلى حيث النهاية ، وليس بالضرورة أن تكون أفضل الطرق أقصرها ، ولا يحدد النتيجة سرعة الوصول بل أتقنها ، وقد تصبح خير النهايات أصعبها ، وأصدق النجاحات أقساها ، وأقوى الخطوات أعتاها ، فلا يعرف حجمها ولا يقاس مداها ...
فهو ليس سباقا كالتي نعهدها ، وليس نزالا كما نشاهدها ، وإن كان له بداية ، ومحددٌ بنهاية ، إلا أن الانطلاق به يكون حسب الغاية ، مضماره ليس واحدا ، وعلى من فيه سيكون لأفعالهم شاهدا ، غريب في حيثياته ، حيث يصل الجميع بنفس الوقت إلى نهاياته ، ولكن وصولهم ليس دليلا على تحقيقهم لمتطلباته ، فقد يصل بعضم ولكنه قد أضاع في طريقه رغباته ، وغلبت على أهدافه شهواته ، فلا يكون وصوله إلا توقفا عن عد خطواته ، وجمودا يحد من حركاته ، وكأنه قَدِم لفرض عضلاته ، فهدم ما كان مبنياً بكثرة عثراته ، فهو مهدد لبقاء الصرح ، بمثله تُنهَى حياته ، فلم ينافس في الوصول باقي لداته ، فانتهت مسيرته بهدم لبِناته ، وضاعت مفاتيحه ، و مُزِقت سنداته ، فعاد لبيته مثقلا بخيباته ، ومهملا جنباته ، فيملأ بأشواك الفشل جنَّاته ، بعد قتل زهور الأمل من سوء تصرفاته ...
وهو سباق منفرد بشكلياته ، حيث تزاحم تفاصيله إحداثياته ، وتتحكم بنتائجه معطياته ، وتؤثر على نجاحه سلبياته ، وقد يُنهِي رحلاته إن ضاعت منه أدواته ، فلن ينفعه بقاؤه إن راح منه ثباته ...
فهو نزال أطرافه أخلاء ليسوا بأعداء ، يصارعون لأجل البقاء في ساحة محكومة بالعلم مزحومة بالعطاء ، سلاحها القلم ، ودرعها العقل ، وساحها الفكر ، وزرعها نور المقل ، يضيء البصر ، ويقود البصيرة ، ومن يسيء البذر ، يعود بأذيال الهزيمة ، ولن يحمل شخص عن غيره أي جريرة ... .
وبكل الأحوال سيأتي اليوم الذي ينتهي فيه النزال ، ويتوقف حوله كل جدال ، ويفرح المنتصر بما نال ، ويذوي المنهزم بالحال ، وكل هذا بالفعل دون قتال ، والنصر فيه لا يشترى بالمال ، والفخر حاصل ، مع راحة في البال ، والخاسر ظل لحزنه كيّال ، مكانه ثابت في رحلة الأميال ، وريحها تعبث في فكره إن مال ، يحتاج أن يصبح في دربه خيّال ، أو يرجع ليكرر الترحال ... .
وعند هذا الحد ... ، سنتوقف ، ولكننا لن ننتهي ، ومن ظن أنه انتهى ... ، غدا سيندم وعلى حاله يتأسف ، ومن تعب مع وضعه يتكيف ، ومن رغب ، سيكمل ولنفسه يتكلف ، فهي مجرد استراحة ، لا نهاية ، استراحة محارب ، وغدا نكمل البحث عن الرغائب ، ونواصل المسير من كل الجوانب ، ونأمل في غد مشرق بعد أن نبدد من سمائه سود السحائب ، ونملأ بالغلال كبرى الحقائب ، وستصبح ملكنا فليس هناك من يأتي يطالب ، وسيصبح معلما كل من كان للعلم طالب ، ويتقدم المكافح ، فقدره صار عزيزا وهو عن الذل حاجب ، واسمه على الصخر كاتب ، حفره بالجهد اوجب ما كان بالعجز سالب ، فيستلم درعه تفوقا بعد درع المحارب ، ويأتي للقمة لينازع فهو لها مستحق و وعليها جاء يضارب ...
بواسطة : إيمان حماد الحماد
 0  0