×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
د. ناصر محمد العبيدي

تصريح الحج تحصيل المصالح وتعطيل المفاسد
د. ناصر محمد العبيدي

الحمد لله الذي أتم علينا دين الإسلام وجعله صالحًا لكل زمان ومكان وحفظ لنا به أرواحنا وأموالنا فما من مصلحة لنا إلا جاء الإسلام بدعوتنا إليها وما من مفسدة علينا إلا حذرنا منها.
والصلاة والسلام على نبي الأنام وسيد ولد عدنان محمد وأله وأصحابه الكرام .
أما بعد .....

فقد دابت دولة الإسلام- المملكة العربية السعودية - حفظها الله - كعادتها على القيام بأمر المسلمين كل عام في الحج وبذل كل الجهد في إتمامه.
وما يمر عام إلا وهو خير من العام الذي قبله في حسن الإدارة والترتيب والتنظيم مما وهل كثيرًا من الدول كيف أن المملكة العربية السعودية تدير هذه الجموع المليونية بكل سلاسة وانسياب وإنسجام، وتكفل لضيوف الرحمن أداء شعائر الحج والعمرة على أحسن وجه وأتمه.
وإن مما يساعد على حفظ أرواح الناس وممتلكاتهم وضمان تأدية حجهم، ما يسمى (بتصريح الحج) والذي صار شعارًا متداولاً بـ(لا حج إلا بتصريح).
فليس (تصريح الحج ) منعًا *للناس من الحج بل أن تصريح الحج هو تمكين الناس من الحج فهو: عمل تنظيمي وتدبير إحترازي المقصود منه الحفاظ على سلامة حجاج بيت الله الحرام وتمكينهم من أداء الشعائر بكل يسر وسهولة .
ومما لايختلف فيه اثنان أن شريعة الإسلام جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان، ومطلوبها ترجيح خير الخيرين إذا لم يمكن أن يجتمعا جميعا، ودفع شر الشرين إذا لم يندفعا جميعا " .
والناظر إلى "تصريح الحج " يجد أنه جاء بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية وقواعدها، فبتصريح الحج تتحصل مصالح *كثيرة *منها :

١- التيسير ‏على العباد في القيام بعبادتهم وشعائرهم ورفع الحرج عنهم قال الله تعالى: (يريد الله بكم اليُسر ولا يريد بكم العُسر) وقال الله تعالى: (يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا).

٢- بتصريح الحج يتمكن من لم يحج من الحج في ظل المساواة بين الناس فمن حج فإنه لا يسمح له أن يحج إلا بعد ان يترك الفرصة من العام القادم لمسلم أخر أن يحج.

٣-بتصريح الحج تكون القدرة الاستيعابية لجميع أماكن الحج متاحة ومعقولة وتستطيع مواضع وأماكن الحج وأبرزها الحرم وجوانبه من استيعاب الحجاج، فلو لم يكن هنالك تصريح للحج وسمح لجميع المسلمين بالحج فلا يمكن أن يتم حج لأحد من دون مشقة وكلفة كبيرة فلو أخذناها بشيء من العقلانية وقلنا بأن عدد المسلمين اليوم مليار مسلم وسمح فقط لواحد من مئة بالحج بدون تصريح لوصل عدد الحجاج إلى خمسة عشر مليون.

ولاشك أن مشاعر ومواضع وأماكن الحج لن تستوعب هذا العدد ولن تستوعب نصفه.
فوجب أن يكون هنالك شيء ينظم ويرتب هذه الأمور ولذا جاء "تصريح الحج" ملبيا لمثل هذه الاحتياجات.
*
٤- من يقومون على أمر الحج والحجيج هي دولة المملكة العربية السعودية -حفظها الله -وهي أعلم بما يصلح للناس في الحج وبما لا يصلح فهي صاحبة القرار الأول والأخير بما حباها الله من شرف القيام بخدمة الحرمين الشريفين ومع ذلك فقد أسندت أمر تصريح الحج من الناحية الشرعية إلى مرجعية البلاد في الفتوى وهي هيئة كبار العلماء فجاءت فتاوى علماء الإسلام في بلد الحرمين الشريفين بوجوب استخراج "تصريح الحج" ووجوب طاعة ولي الأمر في ذلك مصداقا لقوله تعالى "واطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الأمر منكم ".

فالواجب على المسلمين سواء كانوا مواطنين أو مقيمين أو وافدين للحج أن يٌساعدوا ويتعاونوا مع دولة المملكة العربية السعودية فيما تقوم به من أعمال عظيمة وجبار في سبيل إنجاح الحج وأن يحج الناس بكل أمن وأمان وخير وسلام مصداقا لقوله تعالى " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"

حفظ الله المملكة العربية السعودية وحفظ الله *خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وحفظ الله ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وحفظ الله المواطنين والمقيمين وحفظ الله الحجاج والمعتمرين ووفقهم الله وتقبل منهم وأعادهم إلى أماكنهم و بلدانهم سالمين .

د.ناصر محمد العبيدي أستاذ الفقه المقارن المشارك بكلية الشريعة والقانون جامعة تبوك.
بواسطة : د. ناصر محمد العبيدي
 0  0