×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
سلطـان الحويطي

البلدة الأخرى والمثقفين
سلطـان الحويطي

لم يكن مخطأ الروائي المصري إبراهيم عبدا لمجيد عندما اختار ((البلدة الأخرى)) عنوان لروايته والتي تحكي قصه شاب مصري أتي للعمل في تبوك في أواخر سبعينات القرن الماضي , حيث يظهر المكان في رواية عبدالمجيد نكره في قاموس الحضارات وهو ما رمز له ((بالبلدة الأخرى )).
فتظهر تبوك تلك البلدة البائسة التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة لدرجه أنها تقتل كل من ينزل بها !! وما أن تصل منتصف الرواية حتى تجد المؤلف يعكف على ذكر المثل القائل ((تبوك تنسيك أمك وأبوك )) ولكنه يقول انه لم يعد ينسى لأنه بات منسيا !!. فهل تبوك ارض النسيان أم أنها الأرض المنسية أم أنها المكان المنعزل الذي ذكره بطليموس في جغرافيته وكان يقصد الانعزال الجغرافي حيث انها تقع بين الجزيرة والشام أما اليوم وقد تحددت هويتها بالكامل إلا أنها ما تزال ذلك المكان المنعزل عن التنمية !! ففي تبوك يحل النسيان على كل شي !! فأدبائها منسيون ومبدعيها منسيون حتى مرضاها شملهم النسيان فأصبح النسيان والانعزال سمة تبوك الأولى .
لست بصدد مناقشه الرواية فقد فعل مثقفينا والذين أعمتهم أسطوره الورد عن حقيقة العجاج .. فكانوا حالمين كعادتهم توشحوا رداء المناطقيه فابتعدوا عن المنطقية .. هاجموا مؤلف الرواية واتهموه بالحقد وقاسوا زمن الرواية بالزمن الحاضر وان كانوا يعرفون ان الزمان والمكان من أهم أعمده الرواية !! وان الحاضر لا يقاس إلا بالحاضر فلماذا يتناولون الرواية من هذا الجانب العقيم .. هل هم عاجزين عن استيعاب الماضي !! حيث يقول الروائي السعودي الكبير عبدالرحمن منيف " علاقة العرب بالماضي ذاته علاقة مضطربة وملتبسة لان مصدرها الحنين والعجز معا لذلك يتم اللجوء إلي الاتكاء على ماضي وهمي أو متخيل دون فهم لهذا الماضي فيتحول التاريخ إلي أساطير لأنه يتم بشكل انتقائي"
وللأسف الشديد فأن علاقة مثقفو تبوك ليست مضطربة مع الماضي وحسب بل أيضا مع الحاضر فقد حولوه إلي أسطوره فهم يصفقون لكل شي من اجل أي شي .. والمثقفون في كل مكان يضحون حتى بحريتهم من اجل الرقي بالإنسان والمكان ولا يكفون عن الانتقاد من اجل الأفضل إلا في تبوك فهم يكسبون كل شي ويصرون على أن تبوك ارض التنمية . ومن هنا أقدم التعزية لتبوك في مثقفيها واللذين ينطبق عليهم قول الشاعر :
قالت الضفدع قـولا "" رددتـه الحكـمـاء
في فمي مـاء وهـل"" ينطق من في فيه ماء
والحقيق التي لم ينطقوا بها أن تبوك ما تزال البلدة الأخرى إذا ما قسناها بمدن أخرى أو بمعيار تقدم المدن وهي سهوله الحصول على الرعاية الصحية والاستقرار الاجتماعي فلا رعاية صحية ولا استقرار اجتماعي .إن التنمية الحقيقية هي تنميه الإنسان والذي بات منهك في تبوك فقد اشغل بأشياء قتلت طموحه فنجد أهالي حي يشتكون من كثره النفايات امام منازلهم وتذهب أعمارهم وهم يطالبون بإيجاد حل وآخرون تفرغوا للمطالبة بمطبات اصطناعية تقيهم خطر السيارات ,حتى إن بعض المطالب البسيطة تتوارثها الأجيال , بينما نجد في المدن الأخرى أن الإنسان تفرغ لبناء ذاته وتحقيق أحلامه حيث إن المسئول يقوم بواجبه على أكمل وجه ولا يحتاج لشكاوي حتى يتحرك ,
لابد لمثقفي تبوك اللذين يرون إن كل شي يسير على أكمل وجه, أن ينظروا لمطالب الناس ليعرفوا الحقيقة فمازال بعض المواطنين يطلب أن تصلهم خدمه الجوال ولا نقول الانترنت , والبعض الآخر يطالبون بمستوصف صحي والبعض يناشد بإيجاد دفاع مدني وكلها متطلبات أساسيه ولم توفر لهم , أيضا لابد لهم أن يتساءلوا هل يوجد في تبوك خدمات صحية هل يوجد مركز لعلاج أمراض القلب أو مركز لعلاج السرطان أو مستشفى متخصص أم إن المرضى قضت عليهم مشقة السفر قبل أن يقضي عليهم المرض , هل في تبوك شبكه طرق أم أن الحوادث لردائه الطرق أتت على شباب في مقتبل العمر , هل في تبوك مدارس وجامعات تحتضن مبدعيها أم أن الانجاز العالمي الذي حققه أبناء تبوك في ماليزيا أعماهم عن حقيقة التعليم وهذا الانجاز في الحقيقة هو أدانه لأداره التعليم فالمفترض أن تكون كل مدارسنا بمستوى مدارس الملك عبدالعزيز النموذجية حتى تكون الفرص متكافئة ويكون البحث عن الإنسان المتفوق بشكل أوسع ولان إنسان الشمال مبدع بفطرته ولكن المدارس المتهالكة طمست إبداعه , أيضا لا بد أن يتساءل مثقفو تبوك هل يوجد في تبوك فنادق خمسه نجوم هل يوجد بها مدن ترفيهية هل يوجد بها حراك ثقافي متمثل بنادي أدبي يقوم بواجبه على أكمل وجه , هل زار هؤلاء المثقفين القرى المهملة هل شاهدوا الشواطئ البائسة هل لمسوا المنع المطلق في وجه الاستثمار . لا اعتقد ذلك و إلا لما قالوا أن تبوك تسابق الزمن نحو التنمية .
فرفقا بتبوك يا أيها المثقفين !!!

للتواصل :
http://www.facebook.com/home.php#!/p...00001281698819
بواسطة : سلطـان الحويطي
 14  0