×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
عبد الرحمن بن سعود الحربي

أمطار تبوك ومأساة أمي
عبد الرحمن بن سعود الحربي

ما حدث في تبوك خلال الأيام الماضية ليس مطرا يعري فساد المشاريع بل اختبارا لمصداقية كتابنا وامتحانا لمهنية صحافتنا ، أنشودة السياب انسابت في آذاننا بحنجرة مغنٍ لا يجيد لحن المطر ، فاكفهرَّ وجه السماء بغيوم الحقد اللامستغرب وطارت في العجة الغوغاء الذين يعيدون تغريد ما يعون وما لا يعون ..
نعم ثمة فساد في مشاريع تبوك لكن ما روته الصحافة عكس وجها مغايرا لوجه الحقيقة ، فتبوك التي تراقصت على إيقاعات المطر في عيون وآذان وقلوب أهلها ، كانت ألما يعتصر قلب كل أم استودعت تبوك أحدا من أبنائها ، كانت أمي تتصل بي أول ليلة مطر ، وكنت مغلقا هاتفي أجوب شوارع تبوك أتأمل برق الله وبرق ساهر ، فإذا بأمي توقظ بفزعها حيا من تبوك لتطمئن على ابنها ، لأن ما يدور في شبكة الانترنت وشى إليها أن الله قد أغرق تبوك ومن عليها ، وأن كل مسئول في تبوك قد ملأ بطنه من الحرام ونبت لحمه بالحرام وأن الله قد أمهلهم حتى هذه اللحظة التي أذن للغرق فيها أن يهلكهم ويهلك حرثهم ونسلهم .
أنا لا ألوم أمي ذات القلب الشفاف عندما تبالغ في خيالاتها وترى تبوك كما كنا نرى جدة ، فالصور التي يتناقلها المغردون كانت ذات الصور التي تداولتها وسائل الإعلام في كارثة جدة إلا صورا قليلة كان الضحية فيها سبب ما حلَّ به ، فالمواطن الذي يصر على مخالفة توجيهات الدفاع المدني ويعرض سيارته للغرق ، هو المسئول الفاسد في هذه الكارثة ، والمواطن الذي يبني بيته في مجرى السيول عليه أن يقف في وجه الكارثة كما وقف في وجه النظام عندما أراد إزالة بيته .
إن المسئول الفاسد في تبوك لا يحمل وزره مسئولون نرى جهودهم ومشاريعهم في كل شوارع وأحياء تبوك ولا يحمل وزره أمير منطقة تبوك الذي قام من فراش مرضه بسبب كارثة لا تستدعي أن يتحامل على نفسه لأجلها ، غير أني أستغرب وبكل أسف لم لا يتحدث المواطن عند الأمير بمطالبه وهو فهد بن سلطان الذي لم يغلق مجلسه في وجه أحد ولم يمنع فيه أحدا من الكلام ، لماذا نتحدث عن مسئول فاسد في كل مجالسنا وفي مجلس سموه نخرس عن الحديث ، ألم يقل : من ذمتي إلى ذمتكم ؟!
قد آن لأبناء منطقة تبوك أن يطالبوا سموه بعزل ذلك المسئول الذي ما عبث المطر إلا بمشاريعه ، وآن للأقلام التي لا تراعي ذممها أن تخرس ، ولقلب أمي أن يطمئن ، وللأمير الإنسان أن يحتسب الأجر عند الله ، فليست تبوك ببالغة شكره ، وهو الذي في كل أزمة عندما يتحدث تتحدث أفعاله وسجاياه
بواسطة : عبد الرحمن بن سعود الحربي
 65521  0