×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
طلال الثبيتي

الاعوجاج الثقافي .. الديني
طلال الثبيتي

الاعوجاج الثقافي .. الديني

الكتابة نتاج صراع كبير بين الخير والشر ، بين الحق والباطل وهو سر من أسرار الإنسانية لا يعلم كُنهه سوى من يعي كيفية مخاطبة العقل الباطن للوقوف أمام كل محاولات الباطل المتكررة للتغلب على الحق .
وكون الحكم قاضٍ ويملك صافرة وكروت ملونة أحدهما أصفر للمخطئ الأخف والآخر أحمر لمرتكب الكبيرة ذلك لا يعني أنه سيمنح كل من أراد كيفما أراد أو نريد نحن ، فربما أخطأ ومنح مرتكب الصغيرة كرتاً أحمر يخرجه من دائرة المجتمع والعكس صحيح . ولأنه يملك حق الاجتهاد وقتها ربما يخطئ ويعلم الناس ذلك لكنهم يقدمون له سيل من الأعذار على مائدة النور لأنه لم يتعمد الخطأ أو أنه لم يخطئ من قبل أو لتكالب الظروف حوله كان قراره غير سليم .
وهكذا الحروف لا تخضع لأحد ولا تختار بشر عن بشر غير أنها تخضع امتثالاً لمن أنزلها بين دفتي كتابه الكريم . وتبعاً لذلك هي لا ترغب أن تتصور في وجه قبيح كالشيطان أو تتسرب من رأس قلم على شكل سم زعاف يهوي بصاحبه في جهنم نيّف وتسعون خريفا أو تشتعل شرارة البؤس بأيدي كيبوردية عاصية .
ثم أن الكاتب حينما يكتب يظهر - بعضاً من كل - مما يختبئ خلف الأبواب المغلقة في النفس .
فحرفه شهادة إثبات على أخلاقه وبالتالي شهادة تشرح قوة تمسكه بدينه .
ونحن عندما نطالب باتساع الأفق أكثر فأكثر ..نطلب ذلك بحريّة لكن دون المساس بالمسلّمات ، فالأمر المجمع عليه والمسلّم به لا يستنقصه أو يحاول تحريكه أو التلاعب به إلا الأحمق فلا حريّة مطلقة في دين الإسلام .
وبالتالي نحن ننادي وبصوت ترتجف منه أعماق الأرض السابعة بأن تُكمم بعض الأفواه وتُقمع وتُكسر رؤوس الأقلام وتُجلد الذات المتثيقفة
نعم للقمع وحي هلا به ، أهلاً بتكميم الأفواه إن كانت ستُخِرج لنا سماً زعافاً ، إن كانت ستجهر لنا بالسوء ، إن خرجت من باب القول على الله بغير علم ، نعم لسحب الأقلام ، نعم لتصفية العقول من الشوائب والآفات.
نعم إن كانت ستخرج لنا فيروسات نتنة سريعة الانتشار قاتلة .
لابد أن نفكر بعقول غيرنا وندرك حدود دينهم ونطل عليهم من نوافذهم دون أن نخترق مسلّماتهم ونعبث بدينهم .
فكلمة تبني وأخرى تهدم وربما تُحرق ،والمهم أننا يجب أن نفهم ما نكتب قبل أن ننشر لا أن ننشر ما نكتب دون أن نفهم ، والأولى مطلب مهم بينما الثانية فعل مكروه كراهة تحريم .
فبعض الكلمات تسير بك على هودج نحو مدينة الحُمق والغباء نحو ويل وثبور ، وبعض الحروف تذهب بك سريعاً إلى الدرك الأسفل من عذاب الله إن أنت تكبرت وأدرت للنصح ظهرك وإن صياغة الكلمات تحتاج إلى إتقان وعلم للوصول لعقل المتلقي وقلبه لا فرض ما تكتبه عليه .
والعالم متسع جداً والآفاق مفتوحة للجميع لكن الكثير لا يرى ذلك ويتعمد تضييق تلك المساحة لتتناسب فقط مع هواه ورغبته ، وتلك أنانية في النفس ، وصدأ في القلب .
ويجب أن نملك حرية التعبير في إطارها الصحيح لكي لا نصطدم بهذا الحائط الوهمي الذي يعيق ولا يمكن هدمه فهو ليس حقيقيا ليكسر
وإنه لمن العار أن يتولى إنسان تقييم رأي إنسان آخر لم يتعدى
جزء في الألف من حدود فكره ولا يصل أقل القليل من علمه وعندما تقرأ له تصاب بالدوار ولا تسيطر على نفسك بسبب بجاحة وتعدي ذلك الكائن البشري على شيء قد حُسم بكلام خير الأنام .
وتلك والله خيبة وندامة إن لم تخرُج من دنياك إلا بمعارضة حديث أو استنقاص نص قرآني أو محاربة عالم فقهي ( كلاّ لا وزرَ إلى ربّك يومئذٍ المُستقر )
ولنعلم جميعاً أن كل ما على هذه الأرض يحتاج العمل لأجله إن كان صالحاً للزمان والمكان ، وعكس ذلك يحتاج منّا جميعاً الإتحاد والوقوف صفاً واحداً في وجهه ، فلكل داء دواء ، والله المستعان .

طلال المنجومي الثبيتي
بواسطة : طلال الثبيتي
 8  0