×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
طلال الثبيتي

" لمى " وجوه ومشانق
طلال الثبيتي

لم أعلم أن بعض البشر قد يقتات على رفات جسد بريء إلاّ عندما أزاحت الشمس بأجنحتها الستار عن وجه " وادي الأسمر " فبانت لنا نفوس وأفكار وعقول متعددة تحمل من الدناءة ما الله به عليم ، تلك التي تقتات على أرواح الناس ، هي ذاتها من يلعب على رفات الأجساد الميتة ، وتتلاعب بجروح الآخرين فتنكأ الجراح تارة ، وتبعثر سعادة النفوس تارة ، وتجلب الأحزان وتتلاعب بالمشاعر تارة أخرى ، فالبعض ماهرون في توسيع رقعة الكآبة واليأس بنظرة القنوط التي يحملونها ليقوموا بنشرها ويتلقفها أصحاب القلوب الرقيقة في العقيدة والإيمان فيتحملون أوزارهم إلى أوزارهم ، إنهم يسرقون أكسجين الحياة ويهدون الآخرين سوادها .
يا لها من نفوس ميتة وقلوب قاسية تلك التي تلاعبت وتتلاعب بقضية البراءة والطفولة " لمى الروقي " الطفلة التي غدرت بها الأرض فابتلعتها ، ولم يفلح أحد في إنقاذها حتى اللحظة بقدرة رب العالمين وحده ، يا لها من نفوس مريضة سخيفة ساذجة مُبتلاه تلك التي تعرّت من أبسط معاني الإنسانية وقامت بترويج الفجور والإشاعات وبث الكذب تحت ظرف إنساني محزن جداً للجميع ألا تخشى تلك الضمائر أن تلقى حتفها في أي زفير قادم .. أو شهيق قريب ..!
ما حالها حين ذاك ..؟!
كل تلك الوجوه أعدت لها النفوس الزكية متكأ ، وضعت في أطرافه مشانق لشنق كل سلوك مشين يخالف الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، لكل من أعلن إفلاسه من الصدق ، ولكل من أجدبت أرضه من المبادئ ، ولكل من خلت مساحات فكره من الإنسانية ..
أنا بالمناسبة أتقدم لذوي الطفلة لمى رحمها الله بخالص العزاء والمواساة . ولأبيها على وجه الخصوص ذلك القلب المثقوب الذي ينزف الدمع دماً بلا لون طيلة أيام البحث أقول جبر الله كسرك وعوضك خيراً مما فقدت .
من سيحزن غيرك ، من سيروي تربة القبر دمعاً غيرك ، من سيرافقها ممرات البكاء غيرك ؟
من سيعطيها مفاتيح النهار غيرك ؟
بل من سيقرأ الفاتحة بخشوع ويكبر خمساً غيرك ..؟
من سيذيب دم أوجاعه حين يرى الرفات ؟
ومن سيغرس الحُب والدعاء على القبر ؟
من .. ومن .. ومن ...؟
هل نام الجميع حين مل النداء من ضجيح أصوات الفرّارات ؟
هل من مجيب سيأتي ..؟
لا تستيقظوا وأنا لن أنام .. وقضي الأمر
كل ذلك النفس العميق سيكون في صدر أبيها وهي في كعوب الأرض
ربما لم تأت معنا .. وربما كانت شرقاً .. وربما التقطها بعض السيارة .. وربما... وربما .. وربما ماتت !؟
هي لم تمُت بل مات كثير من الضمائر ..
لم تسقط .. بل سقطت الأخلاق والقيم
ماتت الشهامة ماتت المبادئ وسقطت الإنسانية
مات كل شيء جميل كنا نعتقد ونؤمن بجماله
وَعقِب انتِهاءِ الثّلثِ الأخير مِن البحث سأَقف على حافّة البئر
أَنتظر بريق أمل من صدق وضمير حي .
وحتى ارتطام موجِ أحلامنا بصخور استفاقة الواقعِ ألقاكم وذويها بخير وعلى خير ..
ورحم الله القلوب الميتة والضمائر المقتولة
ورحم الله " لمى "


::


طلال

@talalthobaiti
بواسطة : طلال الثبيتي
 12  0