×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
الدكتور زيد بن محمد الرماني

التجارة بين المدح والذم !!
الدكتور زيد بن محمد الرماني

جاء في كتاب: ((اللطائف والظرائف)) للثعالبي في شأن مدح التجارة قوله رحمه الله:
ذكر الله تعالى التجارة في القرآن، حيث قال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ﴾ [النساء: 29].
وقال عز اسمه: ﴿وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275].
وقال جل ذكره ﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ﴾ [ المزمل: 20 ] وجاء في صحيح البخاري قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أطيب ما يأكل الرجل من كسبه)) والكسب: التجارة. قال صلى الله عليه وسلم: ((التاجر الصدوق مع النبيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً)) وقال كذلك: ((تسعة أعشار الرزق في التجارة)).
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم برهة من الدهر تاجراً مسافراً، وباع واشترى حاضراً، واشتهر أمره في ذلك، قال المشركون: ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق فأوحى الله تعالى إليه ﴿وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ﴾ [الفرقان: 20].
فأخبر جل اسمه أن الأنبياء قبله قد كانت لهم تجارات.
وقد ورد أن الفارق عمر رضي لله عنه كان يقول: ما ميتة بعد القتل في سبيل الله أحب إلي من أن أموت بين شعبتي رحلي أضرب في أرض الله، وأبتغي من فضل الله.
وكان بعض السلف يقول: الأسواق موائد الله في أرضه فمن أتاها أصاب منها. وقيل: التجارة إمارة والأرباح توفيقات.


وفي شأن ذم التجارة، ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((التجار هم الفجار إلا من صدق وبر)) وقال صلى الله عليه وسلم كذلك: ((إياكم والأسواق فإن الشيطان قد باض فيها وفرخ))، وكان الضحاك رحمه الله يقول: ما من تاجر ليس بفقيه إلا أكل من الربا شيئاً.
وقد ورد أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول: ويل للتجار من لا والله وبلى والله، وكان علي رضي الله عنه يقول: تفقه ثم اتجر، فإن التاجر فاجر، إلا من أخذ الحق وأعطاه.
وكان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول: إياكم ومجالس الأسواق فإنها تلغي وتلهي. وقال الحسن رحمه الله: الأسواق مصلحة للأموال، مفسدة للدين.
وقيل: إياكم وجيران الأغنياء وقرّاء الأسواق وفقهاء الرساتيق.
وقيل: ويلهم ما أغفلهم عما أُعِدَّ لهم.
قال أحد الشعراء:
إذا ما غضب السوقي فالحبة ترضيه
وقال آخر:
ما للتجار وللسخاء وإنما نبتت لحومهم على القيراط
وقال ابن الرومي:
ربِّ أطلق يدي في كل شيخ ذي رياء بسمته وسكونه
تاجر فاجر جموح منوع يرهق الناس باقتضاء ديونه
قال بعض الأشراف لصديق له: لا تسلم ابنك في شيء من أنواع الكسب، فإنها تورث لا محالة لؤم الطبع وظلمة القلب وقصور الهمة وعي اللسان وسوء الأدب قال أحدهم:

قد ترى يا ابن أبي إسحاق في وُدُّك عُقْده وذا السوقي للإخوان سوقي الموده

وخير ما نختم به هذه المقتطفات قوله عز اسمه ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: 15]، ففي الآية دعوة للسعي في مناكب الأرض سعياً للرزق وطلب المعاش مع حسن التوكل وصدق النية وإخلاص العمل.





أ . د / زيد بن محمد الرماني ــــ المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية


للتواصل : zrommany3@gmail.com
بواسطة : الدكتور زيد بن محمد الرماني
 1  0