نسائم رمضان تلوح في الأفق

دارت رحى الأيام ، وأعناق المسلمين تشرئب ؛ لتستقبل نسائم شهر رمضان المبارك ، و هي تلوح في الأفق حاملة في طياتها عبقًا يُبهج نفوسًا أزكمتها ذنوب الخلوات ، فقد أطلَّت سحابته ، ففاضت من غير رعد ، و سقت من غير بخس ، و ذلك فضلٌ ساقه الله للأمة الإسلامية ، فأيام رمضان فاتحةٌ لكل خير .
لقد وصف رب العزة هذا الشهر بأيام معدودات ؛ لقصر مدته ، و سرعة مروره ، بل و فضله على سائر الشهور ، فهو سيدها ؛ لنزول القرآن الكريم فيه ، فرمضان و القرآن قرينان متلازمان قال تعالى: “شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن “، فالمسلم علي موعد مع كتاب الله في هذا الشهر المبارك ، يتدبر آياته و معانيه ؛ لتلامس شغاف قلبه ، فالقرآن الكريم أدهش العقول و أبكي العيون .
لقد شرع المولى – عز وجل – لنا صيام نهار رمضان ، و جعله أحد أركان الإسلام ، قال تعالى : “يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتِبَ على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ” ، و افتتح رب العزة آيات الصيام بالتقوى و اختتمها بالتقوى ؛ لأنها خير زاد فهي من أجلِّ مقاصده و أعظم غاياته ، فقد خص الله أهل التقوى بمعيته ، و تفضل عليهم بمحبته.
إن من رحمة الله بنا أن جعل لنا مواسم للطاعات و الخيرات نكثر فيها من الأعمال الصالحة ، و منها الأيام المباركة التي نحياها و نستنشق عبيرها الفواح طيلة الشهر المبارك ، فرمضان هو شهر الرحمات و البركات و الحسنات و الخيرات ، فلا عذر و لا تخاذل لأحد في هذه الأيام العطرة ، فالمؤمن الحصيف أمامه أبواب الخير مفتحة ، فإن لم يظفر بباب القيام فليظفر بباب الصدقة ، مما يعكس بجلاء عن الفضائل العظيمة التي تكتنفه ، ففيه تُفتح أبواب الجنان ، و تغلق أبواب النيران ، و لله تعالى فيه عتقاء من النار .
إن من اليقينيات التي يؤمن بها كل مسلم أن هذه الأيام المباركة فرصة لاسترضاء الرحمن ، فاليوم عمل ولا حساب ، و غداً حساب و لا عمل ، فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور و الأيام و تقرب فيها إلى الرحمن ، فما أضيع من ضيع الفوز فيها ، ألا ذلك هو الخسران المبين .
و ختاماً أقول : علينا ألا نفرط في كنوز هذا الشهر المبارك ، و حري بنا أن نعيش أيامه بروح أنقى ، و قلب أتقى ، و عمل أرقى .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *