أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده لا تسعى إلى استسلام أوكرانيا، بل تطالب بالاعتراف بالواقع الميداني القائم، مشددًا على أن الشعبين الروسي والأوكراني “شعب واحد”، وذلك خلال كلمته في الجلسة العامة لمنتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي الدولي المنعقد في الفترة من 18 إلى 21 يونيو الجاري تحت شعار “القيم المشتركة – أساس النمو في عالم متعدد الأقطاب”.
وأوضح بوتين أن العمليات الروسية في أوكرانيا جاءت عقب ما وصفه بـ”الانقلاب” في كييف، لحماية السكان المرتبطين بروسيا، مضيفًا أن موسكو سعت مرارًا إلى حل النزاع سلميًا عبر اتفاقيات مينسك، لكن الغرب دفع أوكرانيا نحو رفض التفاوض.
وفي معرض حديثه عن الوضع الميداني، أشار بوتين إلى التقدم اليومي للجيش الروسي، مؤكدًا أن كييف “خلقت لنفسها جبهة جديدة” بشن هجمات على مقاطعة كورسك، قائلاً إن أوكرانيا “تشتت قواتها المسلحة بطريقة عبثية”، واصفًا ذلك بـ”الخطأ العسكري الفادح”.
كما لفت إلى أن روسيا لا تسعى للسيطرة على مقاطعة سومي، لكنها لا تستبعد ذلك.
وحول احتمال استخدام كييف لـ”قنبلة قذرة”، شدد بوتين على أن روسيا سترد بقسوة، معتبرًا ذلك سيكون “الخطأ الأخير لنظام كييف”، مؤكدًا أن موسكو ترد دائمًا بالمثل كما تنص عليه عقيدتها النووية.
الصراع الإيراني – الإسرائيلي: دعوة إلى التهدئة
وعن التوتر بين إيران وإسرائيل، أعرب بوتين عن أمله بأن تبقى التصريحات التي تتحدث عن اغتيالات سياسية “محصورة في حدود الخطاب فقط”، في إشارة إلى تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن احتمال استهداف المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، مضيفًا أن موسكو تجري اتصالات متواصلة مع طهران وتدعم حقها في تطوير برنامج نووي سلمي.
العلاقات الدولية: نحو عالم متعدد الأقطاب
وأكد بوتين أن روسيا تدافع عن نظام عالمي قائم على الحوار والتعددية، ورفض “الاستعمار الجديد”، منتقدًا توسع حلف شمال الأطلسي وتجاهل الدعوات الروسية لضمانات أمنية.
وأشاد بتنامي دور دول الجنوب العالمي، مؤكدًا أن روسيا والصين لا تفرضان نظامًا عالميًا جديدًا، بل تساهمان في بلورته.
وفيما يتعلق بعلاقات موسكو مع واشنطن، قال بوتين إن العلاقات “بدأت تتعافى تدريجيًا”، مشيرًا إلى وجود تنسيق حول أمن العاملين الروس في المنشآت النووية الإيرانية.
الاقتصاد الروسي: تحولات إيجابية رغم الضغوط
اقتصاديًا، أشار الرئيس الروسي إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لبلاده ارتفع بنسبة 4% سنويًا، وسط مؤشرات إيجابية في مجالات الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات، لافتًا إلى أن مساهمة النفط والغاز لم تعد رئيسية في الاقتصاد الروسي.
وأكد أن البطالة في روسيا من بين الأدنى عالميًا بنسبة 7.2%.
ودعا بوتين إلى استخدام الحلول الرقمية الروسية في دعم الصادرات وتطوير سوق الملكية الفكرية، معلنًا أن عدد العلامات التجارية المسجلة في روسيا هذا العام وحده بلغ نحو 77 ألف علامة.
بريكس والتعاون الدولي
وفي سياق التعاون الدولي، أكد بوتين أن دول مجموعة “بريكس” تنفذ مشاريع واسعة في مجالات الطاقة النووية والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، لافتًا إلى أن حجم التبادل التجاري بين دول المجموعة تجاوز تريليون دولار.
كما دعا إلى بناء نموذج تنموي عالمي جديد بعيدًا عن الهيمنة والتلاعب السياسي، ومراعٍ للمصالح الوطنية لجميع الدول.
التحديث العسكري
وعلى الصعيد العسكري، أعلن بوتين عزم بلاده على تحديث المنشآت العسكرية وتطوير التعاون التقني الدفاعي مع الدول الصديقة، مؤكدًا أن هذا التعاون يشمل التدريب وتأسيس قدرات إنتاج مشتركة.
ويعقد منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي الدولي سنويًا ويعد أحد أبرز المنصات الاقتصادية لمناقشة قضايا التنمية العالمية وتعزيز التعاون بين الشرق والغرب.
اترك تعليقاً