إن في انصرام الأزمان أعظم معتبر ، فما أسرع أيام الشهر المبارك ! و بعد سويعات سنقول وداعاً رمضان يا شهر التوبة و الغفران ، و الذكر و القرآن ، و لا نعلم مَن المقبول فنُهنيه، و مَن المردود فنُعزيه، فالعِبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات .
إن سحابة عيد الفطر المبارك تتهيأ في الأفق ؛ لتلوح و تنبثق فجر غد الأحد – بمشيئة الله – معلنة بقدومه بعد أن امتن الله علينا بصيام شهر رمضان و قيامه، فالإسلام شرَعَ الأعياد فواصل زمنية بين العبادات ، و هذا اليوم يسمى في السماء بيوم الجائزة ، فالرسول – صلى الله عليه وسلم – عندما هاجر من مكة إلى المدينة وجدَهم يتخذون يومين يمرحون فيهما ، فسأل فقالوا : هذان يومان كنا نلعب فيهما في الجاهلية – المهرجان و النيروز – فقال لهم : لقد أبدلكم الله بهما يومين خيراً منهما هما : عيد الفطر، و عيد الأضحى.
و من شعائر المسلمين في عيد الفطر التكبير ، وهو سُنّة في حق الرجال والنساء ، من غروب شمس آخر يوم من رمضان إلى صلاة العيد . قال تعالى في سورة البقرة : ” ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون”. لقد أمر الله عباده بالتكبير ؛ شكراً له على أن يسَّرَ لهم إتمام عدة شهر رمضان المبارك .
إن العيد ينثر في الأرجاء عبقه الفواح ، فتتهلل الوجوه فرحاً بقدومه ، فالفرح بالعيد شعيرة من شعائر الدين ، فعن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال : سُئل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أي الأعمال أفضل ؟ قال : “إدخالك السرور على مؤمن أشبعت جوعته أو كسوت عورته ، أو قضيت له حاجة ” .
إن التهنئة بحلول عيد الفطر تزيد أواصر المودة ، والتسامح فيه يفتح جسور الألفة ، ويزيل أدران الكراهية، فلنعبق يوم عيدنا برائحة العفو والصفح ، فاليوم يوم التسامح والبر والإحسان ، فمن أراد من الله العفو والمغفرة ؛ فليصفح عن الناس قال تعالى في سورة النور :” وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم”.
ويجب علينا توطين النفوس على نظافتها، و القلوب على سلامتها .
لقد شرع الله لعباده ختم صيام رمضان بزكاة الفطر ، وصلاة العيد ؛ تعظيماً لله على نعمة إكمال الصيام والقيام ، وأوجب زكاة الفطر على المسلمين ؛ طهرة للصائم من اللغو ، وطعمة للمساكين ، ومن أداها قبل صلاة العيد فهي له زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي له صدقة من الصدقات.
وختاماً أقول : هنيئاً لنا نحن المسلمين بعيد الفطر ، فقد كتب الله لنا بعد مشيئته الأجر والثواب ، وغفر السيئات ، ورفع الدرجات ، وعلينا ألا نقطع إحساناً ، ولا نهجر صياماً ، فمن صام رمضان ، ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر ، والله أسأل أن يعيد علينا هذه الأيام المباركة أعواماً عديدة ، وأزمنة مديدة ، وأن يديم على الممــلكة و مصر أمنهما واستقرارها ، وسائر بلاد المسلمين .
عيد الفطر .. يوم الجائزة
::
في مقالات
اترك تعليقاً