نحيا، بفضل الله وتوفيقه، في عصرٍ أشرقت أنواره من أرضٍ طهّرها التوحيد، وباركها الله بأن جعلها مهبط الوحي، ومشرق الرسالة، ومهوى أفئدة المؤمنين. من هذه الأرض المباركة بزغ فجرٌ لا يشبه ما مضى، تقوده هِمّةٌ لا تُكسر، وبصيرةُ قائدٍ وهبه الله حكمةً تُضاهي الدهور، وعزيمةً تنوء بحملها الجبال.
إنه العصر الذي رسم ملامحه سموّ الأمير محمد بن سلمان — أيّده الله — بقلبٍ لا يخشى المجازفة، وعقلٍ يزن المستقبل بميزان الحكمة والبصيرة. عصرٌ أرسى فيه الأمير دعائم التحوّل العظيم، لا بالكلمات الرنانة، بل بالأفعال المضيئة؛ فكانت الرؤية، وكانت النهضة، وكانت المملكة كما شاء الله لها: رأسًا لا يتبع، وقيادةً لا تُزاحم، وهيبةً تستمد سلطانها من رضا الله، ثم رضا عباده.نهضةٌ شامخة، شُيّدت على أعمدة العقيدة، وسُقيت من معين الإخلاص، فجعلت من المملكة ركنًا راسخًا في ميزان العالم، لا في السياسة وحدها، بل في الاقتصاد، والتنمية، والقرار الدولي. فها هي الرياض تُبرم الاتفاقات وتُوقّع الشراكات، لا من موقع التابع، بل من مقام الندّ، بل السيّد. ملياراتٌ تُستثمر، وشراكاتٌ تُعقد، ورؤوس أموالٍ تتدفّق، وكلها شهادةٌ ناطقة بأن المستقبل يُكتب هنا، على أرضٍ لا تنام عن مصالحها، ولا تغفل عن مسؤولياتها، ولا تفرّط في ثوابتها. وفي الثالث عشر من مايو 2025، عاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الرياض، لا ليقود، بل ليصغي؛ لا ليصنع تاريخًا، بل ليشهد على امتداده. لقد جاء والعيون شاخصة، والألسن تتهامس، فإذا بالمملكة تُجدّد أمام العالم حقيقةً لا مراء فيها: أن من أراد السلم فوجهته الرياض، ومن ابتغى الهيبة فموعده مع المملكة، وأن زعامة المنطقة قد آلت لأهلها بحقٍّ شرعي، وواقعٍ فعلي، واعترافٍ أمميّ. ما كانت الزيارة مجرّد بروتوكول، بل كانت عنوانًا لمرحلة، وإعلانًا دوليًا أن المملكة باتت حجر الزاوية في توازن العالم، وأن الأمير محمد بن سلمان هو رجل المرحلة والتاريخ، يُراهن عليه العقلاء، ويأنس به الحلفاء، ويخشاه من لا يفقه إلا منطق القوة. وها هي الرؤية تمضي، والمملكة تسمو، والراية تُرفع، والإنجاز ينهض من قلب الصحراء، ليغدو معلمًا يُحتذى، ومنارةً تهدي، ولسان الحال يقول: هذا فضل الله يؤتيه من يشاء، وقد شاء الله أن تكون هذه الأرض مهد الرسالة، وراعية الحرمين، وعنوان التوحيد — منارةً في الدين والدنيا، تقود بالبصيرة، وتبني بالعزم، وتُحسن حين يُساء، وتعلو حين يتردّد غيرها، فلا تسبقها خطوة، ولا يعلو فوقها قرار.
بقلم / فايز بن سلمان الحمدي
اترك تعليقاً