في تطور سياسي بارز يزور الرئيس السوري أحمد الشرع المملكة العربية السعودية اليوم الأحد في أول جولة خارجية له منذ توليه منصب الرئاسة تعكس هذه الزيارة مرحلة جديدة من التقارب العربي السوري إذ تأتي بعد سنوات من التوترات السياسية التي أفرزتها الأزمة السورية وتعد مؤشرًا واضحًا على إعادة صياغة العلاقات الإقليمية وفق رؤية أكثر انفتاحًا وتعاونًا
تكتسب هذه الزيارة أهميتها من سياقها الزمني حيث تأتي بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض ودمشق وهي خطوة عكست تحولات في الموقف العربي تجاه الملف السوري فقد لعبت المملكة دورًا أساسيًا في دعم استقرار سوريا مؤكدة على ضرورة الحفاظ على وحدة أراضيها وسيادتها مع الدفع نحو حل سياسي يضمن تمثيل جميع الأطراف الفاعلة في المشهد السوري.
منذ تسلّمه الرئاسة أوضح الرئيس أحمد الشرع في خطابه الأول أن أولويات المرحلة الانتقالية تتركز على إعادة ترتيب البيت الداخلي السوري عبر تشكيل حكومة انتقالية شاملة تعكس التنوع السوري وإنشاء مجلس تشريعي مؤقت يكون بمثابة حجر الأساس لمرحلة سياسية جديدة كما شدد على أهمية التحضير لمؤتمر الحوار الوطني باعتباره خطوة ضرورية لوضع أسس مستقبل سوريا السياسي.
زيارة تحمل أبعادًا استراتيجية
يرى مراقبون أن زيارة الشرع إلى الرياض تحمل رسائل سياسية متعددة أولها التأكيد على أن سوريا تعود تدريجيًا إلى محيطها العربي وهو ما يعكس موقفًا سعوديًا داعمًا لدمشق في سعيها للخروج من تداعيات الصراع المستمر منذ أكثر من عقد ثانيًا تفتح هذه الزيارة الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي والسياسي بين البلدين لا سيما فيما يتعلق بإعادة الإعمار والاستثمار في البنية التحتية السورية ثالثًا تعزز هذه الزيارة موقف الحكومة السورية على الساحة الدولية حيث تشير إلى اعتراف عربي أوسع بالإدارة الجديدة في دمشق.
وصف الكاتب الصحفي جاسر الجاسر هذه الزيارة بأنها عودة دمشق إلى عمقها العربي بعد عقود من تغييب الهوية مشيرًا إلى أن السعودية لعبت دورًا محوريًا في دعم استقرار سوريا معتبرًا أن هذه الخطوة ترسّخ الاعتراف الدولي بالحكومة الجديدة وتفتح المجال لمرحلة أكثر استقرارًا في العلاقات السورية العربية.
انعكاسات محتملة على المشهد الإقليمي
تُعد هذه الزيارة نقطة تحول رئيسية ليس فقط في العلاقات السعودية السورية ولكن أيضًا في المشهد السياسي الإقليمي ككل فمن المتوقع أن تسهم في تحريك ملف إعادة الإعمار وتفعيل مشاريع اقتصادية مشتركة بين دمشق ودول الخليج إضافة إلى تعزيز التنسيق الأمني في مواجهة التحديات المشتركة كما قد تمهد هذه الخطوة لمزيد من التقارب العربي بما في ذلك احتمالية عودة سوريا إلى المشاركة الكاملة في جامعة الدول العربية واستئناف دورها في الملفات الإقليمية الرئيسية.
على الجانب الدبلوماسي تأتي هذه الزيارة عقب زيارة سابقة لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى دمشق والتي مثلت محطة مفصلية في تعزيز الثقة بين البلدين ويرى محللون أن هذه الخطوات المتبادلة تؤسس لمسار أكثر استقرارًا يمكن أن ينعكس على مستقبل المنطقة ككل
ختامًا
تمثل زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى السعودية خطوة مهمة في إعادة رسم ملامح العلاقات العربية السورية وتؤكد على توجه عربي أكثر براغماتية في التعامل مع الملف السوري وبينما تستمر التحديات الداخلية والخارجية فإن هذه الزيارة قد تفتح المجال لحقبة جديدة من التعاون تساهم في تعزيز الاستقرار وتؤسس لعلاقات عربية سورية قائمة على المصالح المشتركة والحوار البناء
اترك تعليقاً