في قلب صحراء المملكة، تزدهر واحات خضراء تحمل في طياتها كنوزاً زراعية واقتصادية لا تقدر بثمن من بينها الزيتون, الذي يعد من أبرز المحاصيل الزراعية التي تشتهر بها منطقة تبوك بفضل خصوبة أراضيها والمناخ القريب من حوض البحر الأبيض المتوسط, ما مكّنها من أن تصبح إحدى الركائز الأساسية في الإنتاج الزراعي في المملكة.**
تحتضن تبوك أكثر من 14,500 مزرعة على مساحة تتجاوز 270,000 هكتار، وهو ما يجعلها من المناطق الزراعية المتميزة على مستوى المملكة.
وتعد زراعة الزيتون في تبوك نموذجًا ناجحًا للتنمية الزراعية المستدامة في المملكة العربية السعودية بفضل مناخها المثالي وخصوبة أراضيها، وتحظى تبوك بسمعة مميزة في إنتاج الزيتون وزيت الزيتون عالي الجودة.
تساهم المنطقة بما يزيد على 1.8 مليون شجرة زيتون، تنتج حوالي 94 ألف طن من الزيتون وأكثر من 12,250 طنًا من زيت الزيتون سنويًا, وتشمل الأصناف الرئيسية المزروعة في المنطقة “الأربوكينا”، “الأربوسانا”، “النيبالي”، و”الصوراني”، التي تتميز بجودتها العالية وقدرتها على التكيف مع الظروف المناخية المحلية.
دعم حكومي
تُلقى زراعة الزيتون في تبوك دعمًا كبيرًا من حكومة خادم الحرمين الشريفين، حيث توفر وزارة البيئة والمياه والزراعة القروض الزراعية الميسرة، وتقدم الاستشارات الفنية للمزارعين لتحسين الإنتاجية وجودة المحصول, إضافة إلى ذلك، يتم توفير الآليات والمعدات الحديثة مثل مضخات الري والمكائن المتطورة.
تعتمد مزارع الزيتون في تبوك على أحدث التقنيات الزراعية لضمان أفضل إنتاجية وجودة, إلى جانب استخدام أنظمة الري الحديثة لتقليل استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 50% مقارنة بالطرق التقليدية، مما يساعد في مواجهة تحديات ندرة المياه, إلى جانب تطبيق برامج مكثفة لمكافحة الآفات والأمراض مثل “ذبول الفيرتيسيليوم”، مما يساهم في تحسين جودة الزيتون والزيت المستخرج منه وتقليل الخسائر.
رافد اقتصادي مهم
وتعتبر زراعة الزيتون في تبوك أحد أهم الروافد الاقتصادية للمنطقة، حيث تسهم بشكل كبير في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض إلى الأسواق المحلية والدولية, ومن خلال التركيز على جودة المحاصيل وتطبيق تقنيات حديثة، أصبحت تبوك من أكبر المنتجين لزيت الزيتون في المملكة، مما يفتح المجال أمام تعزيز مكانتها كمركز رئيسي في صناعة الزيتون, كما ساهمت جائزة زيت الزيتون السعودي في مسابقة اليابان الدولية في تعزيز سمعة الزيتون السعودي عالميًا.
تحديات وآفاق مستقبلية
رغم التحديات التي تواجه زراعة الزيتون في تبوك، مثل قلة المياه وانتشار بعض الأمراض النباتية، فإن جهود المنطقة مستمرة في مواجهة هذه التحديات من خلال البحث العلمي وتطوير أصناف مقاومة للظروف المناخية القاسية, وتسعى تبوك إلى زيادة صادراتها وتعزيز وجودها في الأسواق الدولية، بهدف زيادة العوائد الاقتصادية وتحقيق مكانة عالمية بارزة في صناعة الزيتون.
تظل منطقة تبوك نموذجًا حيًا للتنمية الزراعية المستدامة، حيث تجمع بين الإرث الزراعي القديم والتقنيات الحديثة. بفضل الدعم الحكومي المستمر، وجهود المزارعين المحليين، أصبحت تبوك ركيزة أساسية في تحقيق رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى التنوع الاقتصادي وتعزيز الإنتاج المحلي.
اترك تعليقاً