يعيش في بلجيكا ما يقرب من مليون مسلم من جنسيات مختلفة، حيث أتى الجيل الأول من المسلمين لبلجيكا في مطلع الستينات، وبالتحديد من الدول العربية بشمال أفريقيا، وذلك من أجل العمل على إصلاح ما أفسدته الحرب العالمية الأولى، وبعدها بدأ تعاقب تلك الأجيال حتى أصبحوا قطعة من مهمة من المجتمع البلجيكي، كما أن هناك تقارير أشارت إلى أن نصف سكان العاصمة بروكسل ستصبح مسلمة بنسبة 50٪ بعام 2050.
طابع الشهر الكريم ببلجيكا:
يتخذ رمضان في العاصمة البلجيكية المظهر الشرقي، حيث تتطبع بعض أحياء بروكسل خلال شهر رمضان الكريم بالطابع الإسلامي العربي، وذلك بسبب كثرة العرب المهاجرين، القاطنين بتلك الأحياء، كما أن معظم المحلات التجارية تعود ملكيتها إلى مهاجرين مسلمين من أصل عربي أو تركى، إضافة إلى أن قوانين النظام العام البلجيكى التى تلزم هذه المحلات بالفتح والإغلاق بميعاد معين ، لا تطبق على التجار المسلمين بتلك الأحياء.
المظاهر الدينية الرمضانية:
تزهر المساجد وتزدهر ويزيد نشاطها خلال الشهر الكريم خاصة النشاط الدعوي والخيري، كما يقبل على المساجد عدد كبير من المصلين لأداء مناسكهم بشكل جماعي يتسم ببهجة الشهر الفضيل، ويحرص غالبية مسلمى أبناء الجالية العربية ببروكسل خلال أيام رمضان المباركة على أداء صلاة التراويح في جماعة.
وتشهد المساجد ضيقاً في المصليات، ويتزاحم أبناء الجالية على أخذ أماكنهم في الصفوف الأولى، رغبةً منهم في الأجر والثواب وطلب المغفرة من الله عز وجل، وتصلَّى صلاة التراويح في المساجد التي يديرها أبناء الجالية عشر ركعات بعد صلاة العشاء مباشرةً يُقرأ فيها حزبٌ واحد من القرآن، وبعدها بساعات يصلون عشر ركعات أخرى تهجداً قبل صلاة الفجر ويقرأ خلالها حزب آخر من القرآن.
الأسواق الرمضانية بالعاصمة:
لا يعاني المسلمون في بروكسل العاصمة، من قلة المنتجات الاستهلاكية المخصصة لشهر رمضان الكريم، كما هو حال الدول العربية، فتجد في أحياء الغالبية المسلمة عدد كبير من أفران الخبز العربى، ومحلات الحلويات الرمضانية الشرقية الأصيلة، كـ”الكنافة” و”البقلاوة” و”الزلابية”، و”القطايف” وغيرها، إضافة إلى محلات المنتجات الغذائية التى تَعرِض سلعًا مستوردةً فى معظمها من البلدان الأصلية، ومحلات بيع اللحوم التي تصلح لاستخدام المسلمين “الحلال” بأنواعها، كما أن هناك سلسلة من المقاهي التي تعمل لوقت متأخر ابتهاجاً بهذا الشهر الكريم.
وتتميز المطاعم والمقاهى الخاصة للمسلمين وسط حي”ميدى” المعروف، لتضفي أجواءاً رمضانية فريدة، تستمر إلى وقت يقارب السحور، وتجذب كثيرًا من البلجيكيين غير المسلمين إلى احتساء “الشاى بالنعناع” والتهام الطعام الشرقي الأصيل.
تبادل الزيارات والتضامن المجتمعي:
يتوافد الكثير من الرجال من أبناء الجالية العربية فى بروكسل بشكل كبير على المساجد والمقاهى وتبادل الزيارات، كما يقبل بعض من النساء المسلمات أيضاً على تبادل الزيارات العائلية وإقامة الأنشطة الدينية والثقافية، وفي العادة تقتصر تلك الأنشطة على مجموعات صغيرة تربطهم علاقة الصداقة أو المجاورة.
موائد الإفطار الجماعية:
تنظم المساجد الموجودة بالعاصمة بروكسل موائد إفطار جماعية بشكل يومي يستفيد بها آلاف المحتاجين من أبناء الجالية وغيرهم ، وبوجه خاص الطلاب والمقيمين إقامة مخالفة للقانون، فضلاً عن بعض المشرَّدين والمحتاجين من غير المسلمين.
كما تقوم أحد المطاعم الكبيرة فى بروكسل بتقديم إفطارات جماعية إلى نحو 150 شخصًا يومياً خلال شهر رمضان الفضيل، سواء مسلمين أو غير المسلمين، الذين يجتمعون قبل الإفطار، إضافة إلى ضبط مؤشّر المذياع على موجات الإذاعة العربية، التي تبثّ أغانٍ رمضانية وأدعية وموشحات دينية من شأنها أن تضيف نكهة للشهر الكريم، ويستمر ذلك موعد أذان المغرب، وينفق على تلك المائدة صاحب المطعم من جيبه وماله الخاص.
اترك تعليقاً