×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
قسمة العمراني

ساقية عطر
قسمة العمراني


القرية التي هي : حاضنة البحر .. [ ١١ ]


الغياب : غصنٌ دنى فـ تدلى إليّ
حتى صار مني قاب قوسين أوادنى ومنذ ذلك الحين
وأنا على غصن انتظار
وكم غيّب عن تلك القرية
من وجوه بعضها مازالت تنتظر عودته
وبعضها لن يعود
/
محمد من الوجوه التي مارس الغياب تغييبها بقسوة
ولم تعد القرية تنتظرها
هو أحد شباب القرية أغلب أهلهاإن لم يكن جميعهم يعرفونه ويحبونه
ومن الذي لا يحب محمد ؟
حكاية من نور غيّبها الموت في عامها الحادي والثلاثين
لم تنتحبه صدور الناس وعيونهم فقط وإنما حتى الموت الذي أغتاله
غدرا سمعت صوته وهو ينتحب عليه
كان محمد شاب يشبه البياض ، اكتنفته الوسامة في شكله
و أخلاقه من كل اتجاه
وكان الطموح والسمو يدفعانه إلي كل ماهو جميل ومشرق ،
كما كانت الأحلام تضعه في أحداق الفتيات وتزخرف به أمانيهن
ولقد كان : محمود السيرة / نقي السريره / دمث الخُلق
طيّب المعشر / حسن المظهر
في قريتي البر والبحر يعشق محمد وتستوطنه ذكرياته ، كل الأمكنه هناك
تذكره و تتذكره جيداً ونقشته في ذاكرتها ، حتى الزمن / الزمن الذي
لا يعترف بـ أحد راق له محمد و أبقى بعضاً من ذكراه
في احدى شرفاته !
كل صباح عندما تناديني أمي لـ تناول القهوة معها يتسوسن الدمع
على خدي ويكبر الحزن في قلبي حين أتذكره وأرى مكانه خالياً .
منذ أن رحل وطارقُ يأقف بباب القلب ينتظر سماع مزلاجه ثم صرير فتحه
كي يدلف إليه حاملاً معه ماتبقى خارجه من بعض حزن معللاً بـ أنه
لا فائدة من بقاءه بالخارج مدام أكثره بالداخل ومدام هذا الأكثر
قد استوطن بقوة ولن يستطيع أحدٌ اقتلاعه حتى الموت ، وآه من الموت
الموت هو من وطّنه بالداخل وجعل هذا الداخل حقاً مشروعاً له !
تمرحل القلب على الفقد حتى نمى الحزن في جنباته وترعرع وأورقت
أوردة الألم به إلي ان فاض النبض وجعاً ،
ولكن فقد محمد كان الطامة الكبرى والتي كادت أن تقتلعه
من مكانه وتوقف آخر نبضاته .
في أحد صباحات الـ 25 أيضا وضعت أمي قهوتها ونادتني لإحتسيها معها
( يااااه .. كم يذكرني به هذا اليوم )
تلفت يمنة ويسرة واهمة ربما أراه ثالثنا كالعادة وأنا اقول :
ياغائباً لا يغيب !
كنا نستبق في زف البشرى بنزول ذلك المرتقب
في صباح 25 من كل شهر ؟
يا لـ هذه الدنيا !


/
ويبقى محمد اسطورة الفقد
التي لن تنتهي




- يتبع -


أوراق تتناولها امرأة من حقيبة العمر
لتحتفظ بها في صناديق الذكريات
وتهديها لـ ملفات التاريخ


الورقة السابقة ↓↓
http://www.sada-tabuk.com/articles-a...how-id-915.htm

تويتر : @Saqyat3trً
بواسطة : قسمة العمراني
 7  0